top of page

خريطة جيوسياسية جديدة بصدد التشكل في الوطن العربي

  • Photo du rédacteur: partielkadihines
    partielkadihines
  • 20 juil. 2014
  • 3 min de lecture

غني عن البيان أن الانتفاضات العربية في كل من تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا قد وقع حرفها عن مسارها الثوري وقطع الطريق أمامها حتى لا تتحول إلى ثورة حقيقية، عبر تدخل الامبريالية وخاصة الأمريكية والأوروبية وتحويلها إلى مقدمة لتنفيذ المشروع الاستعماري المعروف بالشرق الأوسط الجديد او الكبير عبر أدواتها المحلية ممثلة أساسا في الرجعية الدينية التي رصدت لها جميع الإمكانات المادية والعسكرية والإعلامية للمسك بدفة السلطة.

وجاء ما سمي بالربيع العربي كعنوان عريض لهذا المسار الانقلابي او المسمى زيفا بمسار الانتقال الديمقراطي . غير ان ما وقع في سوريا ثم في مصر جعل هذا الربيع بالنسبة لأمريكا وحلفائها يتحول الى مناخات قاسية تعطل وتعرقل تقدم مشروعها الاستعماري الجديد. فالتدخل الروسي وكذلك الصيني في سوريا مثّل عامل كبح رئيسي للاندفاع السريع "لقطار التحول الديمقراطي" الحامل لذلك المشروع . فكان أن بقي الأسد في موقعه بل أصبح في موقع أقوى مما كان عليه منذ عامين بامتلاكه المبادرة في ادارة الوضع داخليا على الأقل، وليس بعيدا عن سوريا وفي مصر تحديدا تتحطم قضبان هذا القطار الحامل كما قلنا للمشروع الاستعماري الجديد وذلك بالسقوط المدوي للرجعية الدينية ممثلة في حركة الإخوان المسلمين عن طريق البيروقراطية العسكرية التي استثمرت حالة الغضب الشعبي ضد سلطة الإخوان المسلمين لتوجيه المزاج الثوري للمصريين بان جعلت منهم ظهيرا شعبيا واسعا يسندها ويدعمها.

لقد كان لسقوط السلطة الاخوانية في مصر صداه المباشر في تونس عندما هبت الجماهير الشعبية في اعتصامات ومسيرات تنديدا ورفضا لحكم النهضة وهنا تحركت الامبرياليتان الامريكية والفرنسية مبكرا لتفادي السيناريو المصري و استنباط سيناريو جديد يقوم على تقاسم السلطة بين النهضة ونداء تونس ورُتّب لذلك ما سمي بالحوار الوطني الذي ضم الرجعية والانتهازية ونشطت فيه بشكل خاص البيروقراطية التي كُلفت بحرف الاتحاد العام التونسي للشغل عن مساره النضالي ومنعه من ان يكون حاضنة لانتفاضات الكادحين وتحويله الى مجرد اداة لترميم النظام وآلة إطفاء لإخماد الحريق الثوري. وعليه استطاعت الرجعية الدينية في تونس الخروج من أزمتها مؤقتا بأخف الأضرار وتفادت بالتالي ما وقع لشقيقتها الكبرى في مصر.

و يعيش الوطن العربي الآن بداية حالة استقطاب بين الامبريالية الأمريكية والاتحاد الأوروبي من جهة والامبرياليتين الروسية والصينية من جهة ثانية و يجد ذلك أعلى تعبير عنه في سوريا و العراق بشكل خاص. ومع هذا الاستقطاب تتشكل شيئا فشيئا خارطة جيوسياسية جديدة وان لم تكتمل بعد فإن ملامحها الرئيسية برزت على أرض الواقع بشكل جلي. فالنفوذ الروسي الذي كان يرتكز على سوريا وإيران بدأ يمتد إلى أبعد من ذلك وبالتحديد إلى مصر بعد أن مهد سقوط الإخوان المسلمين فيها يوم 30 جوان 2013 الطريق لإعادة الحياة للعلاقات القوية والحضور المتميز زمن الاتحاد السوفياتي يدفعها في ذلك زيادة على كسب الاستثمارات الجديدة وايجاد موطئ قدم راسخ في الوطن العربي والحد من هيمنة رأس المال الأمريكي على أهم مصادر الطاقة والثروة في العالم. زيادة كما قلنا على كل ذلك، سد الطريق أمام تيار الإسلام السياسي المرتبط بالامبريالية الأمريكية والرجعية الخليجية الذي اكتوت بناره في الشيشان وغيرها وأصبح عامل تهديد فعلي لأمنها القومي وذلك لوجود تربة خصبة داخل حدودها يمكن أن تنمو فيها هذه الحركات الأصولية وتنشط فيها بشكل سهل وسريع خاصة وان نوايا أمريكا لتفجير الأوضاع داخل روسيا في سيناريو شبيه بما وقع عربيا غير خافية.

وقد عبر عن هذا الحضور الروسي في مصر تأييد موسكو للحكام الجدد ودعمها للمؤسسة العسكرية وفتح خط تعاون عريض معها زيادة على تزكية رجل المؤسسة العسكرية الأول عبد الفتاح السيسي في ترشحه لمنصب الرئاسة و تهنئته بعد الفوز بها. هذا الامتداد الروسي قابله انكماش الحضور الأمريكي.

ولا تتوقف التحولات في الخارطة الجيوسياسية عند هذا المستوى إذ تأتي ردة فعل واشنطن على ذلك بتغيير ملحوظ في سياستها مع إيران وهو ما عبر عنه اجتماع جنيف المنعقد في ديسمبر 2013 في إطار ما سمي لقاء 5 زائد 1 والمتعلق بالملف النووي الإيراني في محاولة للتخفيف من حدة التوتر في علاقتهما وإيجاد صيغة مرنة في التعامل مع بعضهما التي ترجمت بالتقليص في حجم العقوبات والإفراج عن الأموال الإيرانية المجمدة ويأتي هذا لتصعيد وتيرة الضغط والتهديد غير المباشر لدول الخليج خاصة منها السعودية والإمارات اللتان عبّرتا بشكل واضح عن معارضتهما الشديدة لصعود حركة الإخوان المسلمين إلى سدة الحكم في بعض الدول العربية والعمل على إسقاطهم عن طريق دعم الرجعية الليبرالية كما هو الحال في تونس ومصر وشكل ذلك تحديا ولو بشكل غير مباشر لخيارات واشنطن السياسية في المنطقة لعلم حكام الخليج بان رياح "الربيع العربي" ستعصف بعروشهم هم أيضا.

وما يمكن التأكيد عليه هنا أن هذه الخارطة الجيوسياسية ستشهد مزيدا من التحولات وسوف لن تستقر عند حدود واضحة ونهائية ما دام الصراع بين القطبين المشار إليهما لم يصل بعد نتائجه النهائية خاصة مع المستجدات الأخيرة في العراق، مما يجعل الوضع على درجة كبيرة من التعقيد والخطورة، خاصة أنّ التناقض بين الامبرياليات الذي حلّلنا بعضا من تجلياته في المنطقة قد تفرعت عنه تناقضات أخرى على مستوى الأنظمة العربية مثل تلك التي نجدها بين السعودية و قطر من أجل الفوز بمنصب الوكيل الحصري والوحيد للامبرياليين الغربيين في الوطن العربي. وتناقضات بين القوى الإقليمية وخاصة بين الرجعيتين الحاكمتين في تركيا وإيران كقوتين إقليميتين لكل منهما أطماعها الواضحة.

طريـق الثّــورة، جــوان 2014

الشعوب والانتخابات: قصّة حبّ قصيرة

تتزايد ظاهرة امتناع السكان عن المشاركة في التصويت في الانتخابات التي تجري في مختلف انحاء العالم. ولا تقتصر هذه الظّاهرة على المستعمرات...

 
 
 
bottom of page