مجــزرة فــي غـــزّة
- partielkadihines
- 4 août 2014
- 3 min de lecture
يواصل العدوّ الصهيوني اقتراف مجــزرة في غــزّة غير مكترث بالاحتجاجات والمظاهرات التي اجتاحت مدنا مختلفة عبر العالم ولا بالدّعوات إلى محاكمة قادته المتّهمين بجرائم حرب ضد الإنسانية. ففي كل يوم يمرّ تدمّر البيوت والمدارس والمستشفيات والمساجد بما في ذلك مؤسسات وكالة غوث اللاجئين ويسقط المزيد من الشهداء والجرحى وأغلبهم من الأطفال والشيوخ العزّل الذين تغطّي يوميّا صورهم جلّ وسائل الإعلام المرئيّة والمكتوبة في العالم.
و يطرح هنا سؤال عن السبب الذي يفسّر عدم اكتراث الكيان الصهيوني بكل ذلك و مواصلته اقتراف المجزرة بدم بارد؟
إنّ الإجابة عن هذا التساؤل ليست بالصّعبة إذا عرفنا أنّ الامبرياليين الأمريكيين و الأوروبيين هم من يقفون وراءه ويتولّون حمايته بل ويشجّـعونه على اقتراف المزيد. فالامبريالية الأمريكيّة، على سبيل المثال، هي نفسها راعية الإرهاب الدولي وهي التي دشّنت جرائمها في حقّ الإنسانيّة بإلقاء قنابلها الذريّة على مدينتي هيروشيما وناكازاكي فضلا عن المجازر الوحشية في فيتنام وكمبوديا ولاوس والعراق وسوريا وليبيا... فأمريكا والاتحاد الأوروبي ليست بمعزل عن مذبحة غزة، فهي منخرطة فيها بكل قوة سواء بالدعم السياسي والإعلامي او بالتدخل المباشر عبر إرسال الأسلحة والذخائر ومشاركة خبراء عسكريين في المعارك و قد قتل فرنسيان وأمريكى حتّى الآن كانوا يعملون ضمن قوات الجيش الصهيوني.
ينحاز الامبرياليون في كل الحروب إلى صف الجلادين والمعتدين، وفي الوطن العربي وقفوا دائما مع الرجعية والصهيونية فهم لا يعبؤون بدماء العرب الفلسطينيين النازفة فما يهتمون به هو مصالحهم لا أكثر ولا أقلّ وهي تلك التي لا يمكن ان تتحقق إلّا بإخضاع الأمّة العربية و تركيعها حتى لو تطلّب ذلك إبادتها تماما. لذلك نرى كل هذا الدمار الذي تتعرض له غزة التي تتعرض لحرب إبادة حقيقية.
إنّ أمريكا والبلدان الأوروبيّة خاصّة فرنسا وألمانيا، بوصفها قوى استعماريّة تحاول البحث عن مبرّرات للكيان الصهيوني ولجرائمه البشعة وتعمل قدر الإمكان للتعتيم عليها وإخفائها مقابل التشهير بردّة فعل المقاومة الفلسطينيّة المسلّحة التي تصفها بـ"الإرهابيّة"، وهو ما يكشف لنا عن زيف كل تلك الشعارات التي رفعتها وترفعها هذه القوى حول "حقوق الإنسان" و "الديمقراطيّة" والتي استعملتها وما زالت تستعملها بالاستعانة ببعض الأنظمة العربيّة العميلة خاصّة الرجعيّة الخليجيّة كذريعة لتدمير عديد الأقطار العربية من ذلك العراق وسوريا وليبيا وإطلاق اليد للظلاميين والتكفيريين لتأجيج الصراعات الطائفية و المذهبية لمزيد تفتيت الوطن العربي خدمة لأهدافها الإستراتيجية المتمثّلة رئيسيّا في استمرار سيطرتها على الوطن العربي والاستئثار بثرواته الطبيعيّة والمحافظة على التفوّق العسكري للعدوّ الصهيوني.
إنّ هذه القوى الاستعماريّة التي تسيطر على مجلس الأمن والمنظمات الدوليّة تعمل جاهدة على توفير الحماية اللاّزمة للكيان الصهيوني والدفاع الشرس عنه فتقف بكلّ قواها ضدّ أيّ قرار يدين جرائمه. فحتّى تلك القرارات اليتيمة التي صدرت بشأنه عن مجلس الأمن الدولي والهيئة العامة للأمم المتحدة بقيت حبرا على ورق ولم تجد طريقها إلى التنفيد بينما دمّرت يوغسلافيا مثلا وقسّمت إلى دويلات وقدّم رئيسها إلى محكمة الجنايات الدوليّة رفقة عدد من القادة العسكريّين بتهمة ارتكاب مجازر ضدّ الإنسانيّة والحال أنّ جرائم الصهاينة المرتكبة في حقّ اللبنانيين والفلسطينيين والسوريين والمتكررة تفوق في بشاعتها ووحشيتها ما اقترفه النظام اليوغسلافي الذي عوقب أشدّ عقاب .
إنّ المجزرة التي يتعرض لها الفلسطينيّون منذ 06-07-2014 والمتواصلة إلى حدّ الآن قد أوقعت إلى حدّ يوم 27-07-2014/ 1065 شهيدا أغلبهم من المدنيين العزل ومعظمهم من الأطفال و6037 جريحا دون الأخذ بعين الاعتبار الجثث التي ما زالت تحت الأنقاض والتي لم تتمكن الطواقم الطبية من انتشالها، كما تمّ طرد آلاف العائلات من منازلها وتشريدها بعد أن تمّ تهديدها بهدمها على رؤوسها إن رفضت المغادرة في إطار حملة تهجير ممنهجة.
لقد ظلّ الكيان الصهيوني يعربد داخل فلسطين المحتلّة دون رادع خاصة و هو يعلم ما عليه الأمّة العربية من ضعف ووهن بعد أن مزّقتــها الصراعات العشائرية والطائفية بما في ذلك الانقسام في فلسطين بين إمارة حماس و سلطة عباس. كما أنّ موجة الاحتجاج والتنديد التي عمّت أنحاء العالم لا تخيفه طالما ضمن وقوف الامبريالية والرجعية إلى جانبـــه، فالامبرياليون الأمريكيون والأوروبيون يعتبرون ما يقوم به دفاعا عن النفس لذلك ازدادت وتيرة عدوانه الإجرامي برّا وبحرا وجوّا ممّا أوقع المزيد من الشهداء والجرحى.
إنّ إدانة جرائم الكيان الصهيوني والتنديد بها من قبل الثوريين في العالم ورغم ضرورتها ومساهمتها في كشف الوجه البشع لهذا العدو وكسب المزيد من التعاطف مع القضية العربية الفلسطينية العادلة لن تحرر الأرض العربية في فلسطين المحتلة، كما أنّ مجلس الأمن والمنظمات الدوليّة لن تتمكّـن من محاسبة الصهاينة على ما اقترفوه من جرائم طالما وأن أمريكا تمارس حقّ الفيتو. فكيف السبيل إذن لدحر العدو الصهيوني ؟
إنّ المقاومة المسلّحة هي الكفيلة بإلحاق الهزيمة بالعدوّ. وقد مرّت الآن على انطلاقتها عشرات السنين مسطرة أروع البطولات غير أنّـها لم تتمكن حتى الآن من تحقيق تلك المهمة بسبب التخريب المتواصل من طرف الرجعية العربية التي أغرقتها في الفساد المالي خاصة. و إلى حد الان نلاحظ ان انظمة خليجية رجعية لا تزال تبسط هيمنتها على فصائل بعينها في المقاومة العربية الفلسطينية و تستعملها لصالحها ولصالح أسيادها في تل أبيب وواشنطن.
إنّ تطور المقاومة المسلحة ونجاحها في تحقيق أهدافها يظلّ مرتبطا بتنظيم الكادحين الفلسطينيين والعرب عامة على قاعدة ثورية حزبيا وجبهويا وعسكريا بما يمكن من خوض غمار الحرب الشعبية طويلة الأمد التي تمثل الطريق الوحيد لتحرير فلسطين و الوطـن العربي من الرجعية والصهيونية والإمبريالية.
طريــق الثّـــورة جويلية / أوت 2014