عُمران المقدمي زهرة تونس الحمرَاء العائدة من الجَليل
- partielkadihines
- 26 avr. 2015
- 1 min de lecture
وُلد الفدائي التونسي عمران المقدمي في المظيلة من ولاية قفصة سنة 1962، وسافر إلى سوريا سنة 1984 حيث حصل على الباكلوريا ودرس علم النفس بجامعة دمشق، كان مناضلا شيوعيا مثل الكثير من أبناء جيله المفتونين بهوشي منه والجنرال جياب و ماو تسي تونغ وغيفارا ووديع حداد و ليلى خالد و جميلة بوحيرد، وفي سوريا كان للسلاح سحره ففلسطين على مرمى حجر وبينها وبين جموع الفدائيين الذين كانوا يتجمّعون في لبنان "جمحة فرس"(1). كان عمران فارسا يعشق صعود الجبال و يكره الموت بين الحفر (2) وكانت فلسطين تنادي: هيّا إلى الثورة، و إصبعها " الجليل " بوصلة، هناك في تلك المنطقة كان استشهاده يوم 26 نيسان / أفريل 1988 ، أثناء عملية بطولية أدت إلى مقتل سبعة من جنود وضباط العدو الصهيوني، فضلا عن جرح آخرين و أسر اثنين . بعد سنوات من استشهاده يعود عمران إلى تونس مكللا بالمجد وسط صيحات الترحيب والتهليل، كأنما ليؤكد أن الشهداء لا يموتون أبدا. و هو واحد من بين شهداء تونسيين كثيرين سقطوا في ساحة الشرف في فلسطين و لبنان و هناك عشرات آخرين قاوموا الصهيونية ببسالة و عادوا إلى تونس أحياء، فكان السجن والتعذيب والملاحقة في انتظارهم، ومن بينهم جرحى بترت أطرافهم، أذكر بعضهم وأصواتهم تتعالى منشدة في فناء المخيم : جيشي معي يا خضراء ...لا ... لا تحزني... في إيماءة إلى جيش التحرير الشعبي . جمع هؤلاء المناضلون بين الكفاح ضد الكيان الصهيوني و النضال ضد النظام في تونس، وقد كانوا على قناعة راسخة أن الانتصار على الصهيونية لن يتم بدون الحرب الشعبية ، وأنّ الجيوش النظامية ليس لها من وظيفة إلا قمع الكادحين و الدفاع عن الرجعية . لم يطلب هؤلاء تكريما و لا نالوا تعويضا بعشرات الملايين عما قاموا به، فمتى كان الكفاح الثوري تجارة رابحة يجازى أصحابها بالدراهم ؟ وهل هناك مال يمكن أن تشترى به دماء الشهداء وأطراف الجرحى وعذابات المساجين في زنزاناتهم ؟ تستقبل تونس اليوم شهيدها و هي تواصل مسارها الثوري فرغم هروب بن على فإن معاناتها متواصلة وجراحها مفتوحة وأبوابها مشرعة على العواصف والسحب الدكناء تتلبد في سمائها، وهي تتأكد يوما بعد يوم أنه لا فرق بين "رأس بصل" و"ثلاثة" رؤوس ثوم(3) . و تودّع فلسطين شهيدها و هي تقاوم الصهيونية في ظل ظروف لا تقل قتامة فالرجعية الفلسطينية فسمت الشعب بين إمارة في غزة وسلطة ورقيّـة في الضفة وسواء تعلق الأمر بالوداع أو بالاستقبال فان الليل العربي حزين، ولكن التصميم على الثورة في ازدياد من قبل أمة يطحنها الاستغلال والاستعمار والتجزئة، وهي تجد في شهدائها شموعا تضيئ طريقها نحو الحرية . حلم عمران بموت بين الجبال و الوهاد و الوديان و الغابات، وسط زغردة الرصاص فناله، وحلم بوطن يطير بجناحيه محلقا في السماء خال من الفقر والقمع ولم ينله، وعلى من يعشق الشهداء مواصلة السير على دربهم . حسنا فعل الاتحاد العام التونسي للشغل بإشرافه على استقدام رفات عمران فقد أهدى تونس زهرة حمراء، مثبتا أنه ليس فقط بيتا للشغيلة وإنّما بيتا للشعب بأسره، مثلما كان دائما، وخاصة عند الشدائد، هذا البيت يؤوى الآن الوطن بين جناحيه وعلى الجميع شد الرحال إليه . -------------------- • 1 ـ مقطع من أغنية لسميح شقير تقول في إشارة إلى الجولان : بيني وبين أهلي وناسي رمية حجر، جمحة فرس ، خطوة فوق شريط ، وخطوة فوق خوذات الحرس . • 2 ـ يقول أبو القاسم الشابي : وَمَنْ لا يُحِبّ صُعُودَ الجِبَـالِ يَعِشْ أَبَدَ الدَّهْرِ بَيْنَ الحُفَـر. • 3 ـ إشارة إلى المثل التونسي : نحى رأس بصل و حط رأس ثوم / اقتلع بصلة ووضع مكانها ثوما.
------------------------------
Comments