معــاناة الكادحين في تــونس

1- محاولة انتحار جماعي في القــيْروان

في القيروان، ومن أمام مقر المندوبية الجهوية للتعليم، أقـدم يوم الجمعة 24 أفـريل 15 معلم نائب على محاولة انتحار جماعي على مرأى ومسمع مسؤولي المندوبية وعدد كبير من مساندينهم. فبعد ساعتين من الاحتجاج، قاموا بسكب كميات من البنزين على أجسادهم، غير أن التدخل السريع لأشخاص كانوا موجـودين في مكـان الـواقعة حـال بينهم وبين إضرام النّار في أجسادهم. وقد تبعت هذه الحـادثة حالة احتقان كبيرة

وقد عمد هؤلاء النواب إلى الإقـدام على هذه العمليّـة بعد أن انسدّت أمـامهم السّبل وبعد تحرّكات واحتجاجات سابقة كان آخرها الاعتصام الذي شرعوا في تنفيذه قبل ثلاثة أيّام أمـام المندوبيّة الـجهويّة للتّربية، وبعد أن راسلوا واتّصلوا بجميع الجهات الرسميّة المسؤولة وبالنقابات المعنيّة من أجل النظر في مطلبهم الأساسي والوحيد وهو تسوية وضعيتهم المهنية بقبول انتدابهم في قطاع التعليم، وكانوا أثناء الاعتصام الأخير قد هدّدوا بالتصعيد ومن ذلك الإقدام على الانتحار الجماعي حرقا في حال عدم الاستجـابة لمطلبهم أو حتّى الاهتمام بمشكلتهم. غير أنّ جميع التحركات بما فيها التهديدات بالتصعيد لم تثر اهتمام مختلف السلطات المسؤولة، وهـو ما دفعهم إلى القيام بمحـاولة الانتحـار.

وزير التربية الذي تمّ الاتّصال به إثر وقوع الحــادثة وعد ببحث ملفّ المعلّمين النواب الذين حاولوا الانتحار في الأيّام القليلة القادمة. فهل أنّ المسـؤولين في هذا البلد لا يفهمون إلاّ لـغة التهديد والنّـار ؟

2- الرّقاب: مرض الالتهاب الكبدي يتوسّــع

تمّ مؤخّـرا اكتشاف إصابة عـدد من متساكني قرية العـوايد الـواقعة في معتمديّـة الرّقـاب من ولاية سيدي بوزيد بمرض الالتهــاب الكبدي. وحسب تقـارير المصالح الطبيّة في الجهة، فإنّه قـد وقع تسجيل 7 حالات إصابة من بينهم تلاميذ بالمدرسة الابتدائيّة وذلك بعد أن قـامت قافلة طبيّة بـزيارة المنطقة إثـر ورود معلومـات عن تغيّب عدد من التّلاميـذ من تلك القــرية عن الدّراسـة.

وقد أطلقت المصــالح الطبيّة بالجهة صيحة فـزع مؤكّدة أنّ قــرية العوايـد، ونتيجة لهذه الإصـابات المكتشفة حديثا، تمثّل بـؤرة لانتشار هذا الفيروس القــاتل.

ويفسّر انتشـار هذا الوباء بهذه القـرية بطبيعة ميـاه الشرب التي يتناولها سكّانها وكذلك التلاميذ، وهي ميـاه متأتّية من الآبار وخاصّة السطحيّة المنتشرة بالقرية والقرى المجاورة لها باعتبارها منطقة فلاحيّة أو من ميـاه الأمطـار وهي ميـاه غير صحيّة في الغالب .

وليست العوايد القرية الأولى التي انتشر فيها فيروس الالتهاب الكبدي، فقد تمّ في شهر أكتوبر الماضي اكتشاف 11 حالة إصابة بهذا الفيروس في منطقة السّعيدة غير البعيدة عنها وخاصّة في صفوف التلاميذ، وكان هذا المرض قد أودى بحياة تلميذة يوم 27 جانفي 2015.

وبالرّغـم من الزّيارات الطبيّة والزّيارة الحكوميّة "الفجئيّة" من الطّراز العالي، فإنّه لم يتم القضاء على هذا الفيروس بل إنّه انتشر أكثر، ذلك أنّه بدل اتّخاذ إجراءات عاجلة للقضاء عليه من خلال القضاء على أسبابه والمتمثّلة أساسا في عدم توفّر الماء الصّالح للشّراب تمّت ترقية المنطقة التي ظهر فيها إلى معتمدية وبلديّة.

3- عمّال مطرودون من شركة بتروليّة نمساويّة في إضراب جوع وحشي

دخل 8 عمّـال مطرودين، كانوا يعملون في شركات خدمات تابعة لشركة "أو أم في" البتروليّة النمساوية، في إضراب جوع وحشي انطلاقا من يوم الاثنين 20 أفريل 2015 بحقل وادي زار الموجود في صحراء تطــاوين.

و كان هؤلاء العمّال قد نفّذوا اعتصاما مع عدد آخر من العمال المسرحين والمطرودين من قبل نفس الشّركات بمكان عملهم استمرّ أسبوعا كاملا.

ويأتي هذا التّصعيد في الشكل النّضالي من قبل هؤلاء العمّال احتجاجا على عمليّة الطّرد التي قامت بها الشركات التابعة للشركة البترولية النمساوية التي تعتزم تسريح 120 عـاملا متذرّعـة بالانخفاض الذي تشهده أسعـار النّفط في الأسـواق العالميّة.

هذه الشركـة، هي واحدة من عشرات الشركات الأخرى متعدّدة الجنسيّـات التي تقوم باستخراج البترول من الأرض التونسية وتسوّقه عالميّا. وزيـادة على استغلالها للثروة الـوطنيّة بأبخس التكاليف وتحقيقها لأربـاح طائلة، فهـي تستغلّ العمّـال وإذا ما تراجع سعر النّفط يتحمّل الكــادحون تبعـات ذلك إذ أنّــها تعمد إلى طردهم دون مراعــاة أيّ حقّ من حقــوقهم.

وفي علاقة بإضراب الجوع الوحشي الذي يخوضه العمّـال، صرّح الكاتب العام الجهوي للاتحاد العام التونسي للشغل بتطـاوين بـأنّ "العمّال هم الحلقة الأضعف في هذا القطاع الذي تأثر مؤخرا بانخفاض سعر البترول، وكانت سياسة الشركات البترولية التقشفية تستهدف تسريح ما لا يقل عن 120 عاملا، بدل تحمّل تبعات هذه الفترة مثلما تحملت الجهة الوضع لعقود» مضيفا ان «أسعار البترول كانت مرتفعة ورغم ذلك لم يستفد احد من الأمر"، على حد تقديره.

حــالة العمّـال المطرودين ستزيد في ارتفـاع نسبة البطــالة في تطـاوين خصوصا أنّ هذه المنطقة تسجّل أعلى نسب البطـالة في البلاد. وهذا الـوضع سيزيد في حـالة الاحتقـان التي تشهدها المنطقـة، وهي التي عرفت في وقت غير بعيد انتفـاضة لأهالي معتمدية ذهيبة سقطها خلالها شهيد وعدد من الجــرحى نتيجة القمع الذي جوبه به المنتفضون.

4- كيف استجـابت وزارة التّنميـة لمطالب عمّــال الحظــائر ؟

نفّــذ يوم 16 أفريل 2015 أكثر من 250 عــاملا من عمال الحظائر داخل وزارة التنمية تجمعا ووقفة احتجاجية مواصلة لسلسلة من التحرّكات السابقة رافعيــن مطالبهم المتمثّلـة في التغطية الاجتماعية وجدولة الترسيم وتحديد الأجر الأدنى.

ولم تتأخّر السلطة في استدعـاء قوات البوليس لتقـمع تحرّكهم الاجتماعي الاحتجاجي معتمدة الحلّ الأمني كما عوّدنا به النظام منذ عقود في مواجهة المطالب الاجتماعيّة. فتمّ الاعتداء على العمّـال وإخراجهم بالقـوّة من ساحة الوزارة وملاحقتهم خارجها وأصيب عدد منهم واعتقـل عدد آخر.

5- مواجهات وقمع في تمغزة والمتلــوّي

تمّ قمع المحتجين في تمغزة ومورست اعتداءات بالجملة من قبل قوات البوليس مما أسفر عن سقوط جرحى حالة بعضهم خطيرة ، و هناك معتقلون والوضع يزداد توترا اليوم، علما أنّ الأحداث في تمغزة تعود إلى الأيام الثلاثة الماضية و الاسباب العميقة لما يجري تعود إلى مشكلات التشغيل و التنمية.

و في المتلوي قتل الخميس ليلا الشاب وسيم خميلي (24 سنة) لما كان على متن دراجته من نوع «فيسبا» وذلك بطريق فرعية في مستوى محطة القطار بعد أن لاحقته الشرطة وصدمته سيارة على مستوى الرأس مما تسبب في مواجهات عنيفة واستعمال مكثف للغاز المسيل للدموع خاصة في دشرة أولاد معمّر.

-------------------------

طريق الثّورة، أفريل/ماي 2015