تتــالت ضربات المجموعات الإرهابية الدينية التكفيرية على تونس فسال دم الضحايا التونسيين واختلط بدماء أبرياء من جنسيات أخرى، ولا شيء يؤكّد أن تلك الجرائم ستتوقف في المدى المنظور بل إن مؤشّرات عديدة تفيد العكس فقد استوطن الإرهاب التكفيري الجبال ونزل إلى السهول مهددا ضحاياه بالويل والثبور.
وتعالت الأصوات من إعلاميين ومثقفين وأحزاب وجمعيات ومنظمات مندّدة بالإرهاب غير أن معظمها يحصره في المجموعات الدينية التكفيرية متناسيا عن قصد صنّاعه ممثلين في الامبريالية وأعوانها الإقليميين والمحليين الذين يقفون بهذا القدر أو ذاك وراءه تمويلا وتسليحا و تدريبا وترويجا.
وإذا كانت هذه العمليات قد اتّسع نطاقها شرقا وغربا وفي قارات العالم المختلفة فإنها تكشف عن كونها مشدودة إلى بعضها البعض بأكثر من خيط وخيط فهي خاضعة إلى تنظيم محكم لا يمكن أن يوجد إذا لم يكن الأمر على صلة وثيقة بدوائر نافذة في العالم تغذّي الإرهاب وتستفيد منه.
لقد سعت أبواق الإعلام المأجور والمحللين الانتهازيين إلى إخفاء كون الظاهرة من إنتاج الفاعل الامبريالي المتحكم الآن بمقدرات البروليتاريا والأوطان والأمم والشعوب حتى لا تطرح مسألة التحرر الوطني والاشتراكية ولكي يتوارى صنّاع الدّمى وعرائس خيال الظل خلف التضليل والتمويه ليسقط الكادحون ضحايا لإرهاب غير معلوم الهوية، أضحى يهدد وجودهم ذاته، دافعا بهم إلى الإحساس بالإحباط والشعور بالندم عما مارسوه من كفاح وانتفاض شعبي فيتحسرون على الأمان في ظل طغاة الأمس ويبحثون عن حماية أنفسهم من الشياطين الصغار لدى الشياطين الكبار.
واليوم يتنافس صناع الإرهاب في إظهار أنّهم حماة الوطن والذائدون عن حرمته من أجل توظيف المآسي والاستثمار في الدّم المسفوح لذلك تتعالى أصوات الرجعيين الدينيين و الليبراليين محوّلة منابر الإعلام إلى فضاءات ندب وبكاء على المصلحة الوطنية بينما الهدف الحقيقي هو إغاثة البرجوازيين والإقطاعيين والضرب عرض الحائط بمآسي الكادحين وصرخاتهم.
و تبدو النزل الفاخرة أهمّ من المزارع ورأس المال أغلى من العمّال والأقلية أعلى قيمة من الأكثرية في مشهد يختلط فيه الكذب والخداع والنفاق بالقمع والتهديد والوعد والوعيد، والمهمّ بالنسبة إلى الرجعية هو الهدف المتمثل في استقرار نظامها ورسوّه أخيرا على برّ الأمان أمّا الوسيلة فمباح استعمالها حتى لو كانت سكّينا تقطر دما.
وفي بلدان مختلفة هبّ الكادحون لمقاومة الإرهاب بقوة السلاح مشكّلين لجان الدفاع الشعبي وسجّلوا انتصارات مهمّة ومن هؤلاء تتعلّم الآن شعوب وأوطان كيف تجيب عن سؤال ما العمل لتحقيق النصر على شياطين الإرهاب من كبر منهم ومن صغر .