top of page

انتفــاضة 17 ديسمبر :  الــذّكرى والــدّروس


تحلّ اليوم الذّكرى الخامسة لاندلاع انتفاضة 17 ديسمبر المجيدة التي خاض غمارها مئات الآلاف من الكادحين مقدّمين ملاحم من البطولة والتضحية في الكفـاح من أجل التحرّر الوطني والطبقي، وقد شملت الانتفاضة أغلب جهات البلاد و كان لها صداها عربيا حيث هبّ الكادحون العرب إلى مقاومة الطغيان والاستغلال والاضطهاد ومن نتائجها البارزة إجبار الرجعية ومن خلفها الامبريالية على تهريب بن علي ونفيه إلى السعودية وتقديم النظام تنازلات مهمة للشعب خاصة في مجال الحريات الأساسية.

لقد كانت الانتفاضة مناسبة اكتشف فيها الشعب قوته في مواجهة أعدائه و لم تنفع وسائل القمع في إسكات صوته ومع كلّ شهيد يسقط في ساحة الشرف كان التصميم يقوى أكثر فأكثر على الانتصار وقد استنبط المنتفضون خلالها أشكالا تنظيمية مثل لجان الدفــاع الذاتي في الأحياء و والمجالس الشعبية في بعض المدن والقرى.

ورغم أنها لم تنجز مهمّـاتها الأساسية فإنّ انتفاضة 17 ديسمبر مثّـلت حلقة كفاحيّـة مهمة في تاريخ النضال الثوري في تونس و احتلت موقعها إلى جانب الانتفاضات المتلاحقة كخطوة على طريــــق الثّـــورة.

و اليوم، فإنّ مطالب المنتفضين لم تختف فهي ترفع مجددا مثلما رفعت بالأمس فالشعب لا يزال يريد إسقاط النظام والتشغيل واسترجاع الأراضي في ظل وضع أزمة من سماته الأساسية ما يلي :

سياسيا : يتقاسم السلطة الرجعيون الدينيون واللبراليون بمعاضدة الانتهازية تحت مسمّى الانتقال الديمقراطي بعد انتخابات قاطعها أغلب الشعب وتحكّم فيها المال السياسي والإعلام الفاسد وتدخّل الدّول الامبريالية و الرجعية الإقليمية والعربية، وتهدّد التناقضات ضمن السلطة بالانفجار في أيّ وقت ولن يكون آخرها ما يجري في حزب الباجي قائد السبسي .

اقتصاديــا : ارتفاع الأسعار وتدنّي نسبة النموّ وبيع الأمــلاك العامّـة وارتفاع الدّيــن الخارجي وفقدان التنمية الجهوية وانهيار السياحة وتهريب السّــلع و انخفاض الاستثمار.

اجتماعيّــا : تفشّي ظواهر مثل البطالة والطرد من العمل و إرهاق الشعب بالضرائب والانتحار والطلاق واستهلاك المخدّرات والكحول والجريمــة والهجرة في قوارب الموت والتشرّد والتســوّل .

ثقافيّـا وإعلاميّـا : نشر ثقافة التفاهة والميوعة والإلهاء وقصف العقول والتكفير والخرافة وإعادة الاعتبار لرموز الرجعية والتشكيك في الانتفاضة وأهدافها والحطّ من شأن أبطالها والسعي إلى أن يطوي أحداثها النسيان..

صحيّــا : انتشار الأوبئة وغلاء الأدوية و تردّي الخدمات و نقص الإطار الطبي وشبه الطبي وانهيار المنظومات العلاجية

بيئيّــا :تعيش أغلب المدن والقرى وضعا بيئيا أقرب إلى الكارثة مع تردّي الخدمات حيث تنتشر النفايات في الشوارع والساحات وتواصل المعامل نفث غازاتها المسبّـبة للأمراض الخطيرة وتُخرّب الغابات دون حسيب أو رقيب .

التّعليــم : انخفاض نسب النجاح والاكتظاظ في الفصول وهجرة أعداد متزايدة من إطار التدريس إلى بلدان الخليج وخراب البنية التحتية وانقطاع التلاميذ المبكّــر عن الدّراســة .

أمنيّــا وعسكريّــا: نجاح الإرهاب الدّيني التّكفيري في إقامة قواعد له في الجبال واستقطابه للمزيد من العناصر وتنفيذه لعمليّـات تفجير وقتل في المدن، وتشير أغلب المعطيات إلى تناميه في الأشهر والسنوات القادمة كما يتفشّى تهريب السّــلاح وتخزينه، ممّــا يطرح أسئلة حقيقيّـة حول الإبقاء على هذا الملف مفتوحا رغم الادعاء أن الدولة تسعى لإغلاقه بخوضها الحرب ضد الإرهاب، ويُلاحظ عدم استقرار المؤسّستين الأمنية والعسكرية التي تعصف بها الصّراعــات السياسيّـة ضمن التّحالف الحاكم وصولا إلى الحديث عن وجود أجهزة متضاربة من حيث مهامّها تحضيرا لحرب رجعيّـة يكون الشعب ضحيتها الأبرز.

وقد ساعد على سيادة هذا الوضع ضعف قوى الثورة التي ظلّـت مقسّمة وضعيفة التنظيم ولم ترق إلى مستوى امتلاك إستراتيجية وتاكتيكات ثورية موحّـدة في ظل انتشار الحلقية والزعاماتية الجوفاء و الانجرار إلى المعارك الوهمية وضعف الإمساك بالنظرية الثورية والبرنامج السياسي الوطني الديمقراطي، كما تفسّـخ عدد من المناضلين الذين ركنوا إلى الاستقالة بفعل تأثير الهجوم المضاد الذي نفذته الرجعية ضد الانتفاضة، وفضلا عن ذلك فإن الوضعين العربي والدولي الموسومين بالهجوم الواسع الذي تشنه الامبريالية وعملاؤها على الكادحين والشعوب والأمم المضطهَـدة قد ساهم أيضا في قطع الطريق أمام انتفاضة 17 ديسمبر وحال دون تحولها إلى ثورة فعلية، مما يطرح على جدول أعمال الثوريين تنظيم المقاومة الشعبية على قاعدة حل تلك المعضلات نظريا وعمليا من أجل التقدم على طريق الثورة.

حزب الكادحين تونس 17 ديسمبر 2015

 
 
 

الشعوب والانتخابات: قصّة حبّ قصيرة

تتزايد ظاهرة امتناع السكان عن المشاركة في التصويت في الانتخابات التي تجري في مختلف انحاء العالم. ولا تقتصر هذه الظّاهرة على المستعمرات...

bottom of page