top of page

لنهم الصّراع بين الإمبرياليّات وبين الرّجعيّات


هذا جزء من حـوار جرى على إحدى صفحات التواصل الاجتماعي بين أحد الرّفاق وشخص يدّعي أنّه من أنصار "التيار الاشتراكي الثّوري" وهو فصيل تروتسكى مصري، دار حول بعض المسائل، وقد ارتأينا نشر هذا الجزء من الحـوار وهو يبيّن كيفيّة قراءة الأوضاع الدّائرة الآن في الـوطن العربي ووجهات النظر المختلفة حول مسألة تدخّل القوى الامبرياليّة فيه من جهة والصراع بين مختلف الأطراف الرجعية الإقليميّة من جهة أخرى.

--------------------------------------------

وجهة نظر التروتسكية كما عبّر عنها نصير الاشتراكيين الثوريين :

من تسبّب في قتل عشرات الآلاف من السوريين وحرق قرى بأكملها وتهجير الملايين من اللاجئين ؟ من هو أخطر إرهابا النظام السوري أم إرهاب داعش؟ من أخطر: من يحرق أسيرا أو من يحرق قرى بالبراميل المتفجرة و النابالم ؟

سؤال بسيط، هل تندّدون بجرائم نظام بشار السفاح كما تنددون بجرائم داعش؟ هل تنددون بتدخل الإمبريالية الروسية والأمريكية بنفس المقدار في الشأن السوري؟

طبعا أحيّي ألف مرّة موقفكم من الإمبريالية فانا ضد من يرون أن الإمبريالية مصدرها فقط أمريكا... ولكن يجب التركيز على الخطر الرئيسي أو الخطر المباشر الذي تواجهه الطبقة العاملة. على سبيل المثال انا أعارض العدوان السعودي على اليمن ولن أتحدث عن صراع سعودي - إيراني (خاصة إذا كنت أخاطب مجتمع سني)... هذا لا يعني أنني أتجاهل أن إيران نظام رجعي ولكن إيران لم ترسل طائرات لقصف اليمن...

بالنسبة لسوريا سأذكر بجرائم بشار لأن اليسار الستاليني في المنطقة يختار الصمت ويفضل فقط الحديث عن داعش.

وأحيّي رفضكم المبدئي للانحياز لأي قوة رجعية. ولكن أمام خطر التدخل العسكري الإمبريالي ما العمل؟

هل علينا أن نخفف من نقدنا ووقوفنا في وجه الأنظمة الدكتاتورية؟

ما معنى أن الوضع في سوريا تجاوز المواجهة بين الشعب والنظام؟ هل توقف النظام عن قصف المواطنين بالبراميل المتفجرة ؟

انكم تركزون على دور الرجعية الدينية في تقديم غطاء للمخطط الإمبريالي. هل نفهم أن الإسلام السياسي أصبح الخطر الأساسي في المنطقة ؟

مثلا ماذا عن مصر؟ من الخطر الأساسي: الثورة المضادة بقيادة العسكر والجنرال السيسي أم الإخوان الذين يقبعون في السجون؟

------------------------------------------

الـردّ:

إنّ طرح أسئلة من "الأخطر؟" فيه انزلاق الى المنطقة التي صنعتها القوى الإمبريالية العالمية مستعينة بأدواتها في المنطقة العربية سواء كانت أنظمة رجعية حاكمة أم مجموعات رجعية وإرهابية من خارج الحكم. بينما المطلوب ليس الاختيار بين هذه الأطراف أو تلك وإنّما التفكير في القضية المركزية وهي تحرّر الشعب العربي من القوى الامبريالية و الرجعية. فلا يجب أن يسقط الثوريون في هذه المعادلة .

بالنسبة للصراع الإمبريالي-الإمبريالي في الوطن العربي وخصوصا في سوريا بإمكانك أن تعود إلى نصوص طريق الثورة وستجد فيها ما يشفي غليلك.

رابط1: الوطنُ العربيّ في عيْـن العـَاصفـة، طريق الثّورة- فيفري/مارس 2015

(مقتطفات من النص) "... وتلعب إمارات الخليج وخاصة السعودية وقطر دورا مؤثّرا في تنفيذ هذا المخطط الاستعماري حتى وان شابت العلاقة بينهما بعض التوترات نتيجة لتناقض حاد يحكم العلاقة بين هذين الطرفين إذ يحاول حكّام آل سعود تفادي السقوط والحفاظ على مكانتهم كطرف مهيمن عربيا وفي المقابل تسعى إمارة قطر إلى دعم نفوذ الإخوان وتواجه جزئيا الإمارات المتحدة. وفي إطار هذا الصراع المحموم تم استعمال أقذر الوسائل مثل تنظيمات الإرهاب الديني التي عاثت في المنطقة تخريبا خدمة للمشروع الاستعماري الأمريكي هذا أوّلا وثانيا لنيل منصب الوكيل الحصري والوحيد للاستعمار في المنطقة.

كما تنشط إيران وفق رؤية استراتيجية تنبني على أساس إعادة مجدها القديم المتمثل في امبراطورية فارس الغابرة، ويساعدها في ذلك امتدادها الطائفي في عدّة أقطار عربية تمتد من العراق ومرورا بسوريا ولبنان وصولا إلى دول الخليج واليمن. ويرتبط هذا الحضور الإقليمي لإيران بالحرص على البروز كطرف ممانع و مقاوم للمشروع الامبريالي الصهيو-أمريكي من خلال ما يقوم به ذراعها العسكري حزب الله في لبنان من مناورات محدودة تأتي كردّات فعل مسيّجة في حدّيها الزماني والمكاني ضد العدو الصهيوني ولا يرقى إلى مستوى الفعل الثوري المقاوم الشامل والدائم، زيادة على صبغتة الطائفية التي لا تؤهله لأن يكون طرفا ثوريا في معادلة الصراع العربي الصهيوني.

ولا يتوقف الأمر عند هذا فحسب، إذ بسقوط النظام البعثي في العراق وانحسار سلطة الدولة في سوريا انفتح المجال لإيران واسعا للتدخل وإعادة تشكيل المشهد حسب ما يخدم مصالحها ويحقق أهدافها زيادة على ما يمكن أن يوفره لها من إمكانيات تكون بمثابة أوراق ضغط في إطار ملفها النووي الذي تعتبره خيارا استراتيجيا فزيادة على حضورها الواضح عسكريا في سوريا والعراق الذي تدعّم في الآونة الأخيرة أكثر بحجة محاربة "داعش" ها أنّ حضورها يمتد إلى اليمن عن طريق حركة أنصار الله التي استولت على السلطة جزئيا عبر اجتياحها العسكري للعاصمة اليمنية صنعاء ووضع يدها على مؤسسات الدولة قاطعة الطريق بذلك على السعودية، وهذا ما جعل اليمن تعيش حالة من الاضطرابات ربّما تتحوّل إلى حرب رجعية طويلة حيث تساعد العوامل الداخلية والإقليمية وكذلك الدولية على ذلك دون نسيان أنّه في ارتباط موضـوعي بالصّــراع الجيــواستراتيجي الروسي الأمريكي والإقليمي الإيراني السعودي التركي أصبحت اليمن مثل سوريا والعراق مجالا لتصفية الحسابات بين تلك القوى. ولا تخلو الساحة من مقاومة شعبية وخاصة في جنوب اليمن التي تتخذ شكل الكفاح المسلح المعادي للرجعية.

الأنظمة الدكتاتورية هي أنظمة عميلة للامبريالية العالمية وهي التي تشرّع لها التدخّل بشتّى وسائلها.و الثوريون لا ينقدون الانظمة الرجعية فقط وإنما يقاومونها. النظام ليس دكتاتوريا ولا قمعيا فحسب كما يبدو من ملاحظاتك وإنما هو رجعي وهذا هو الجوهر، أي أنه معاد للوطن والشعب. والمواجهة اليوم في سوريا هي بين رجعيتين تخدمان قطبين امبرياليين بالوكالة والضحية هو الشعب، والبراميل المتفجّرة لا يجب أن تحجب عنك قطع الرؤوس والقتل حرقا ومختلف فنون التقتيل والتعذيب الأخرى.

إنّ دور الرجعية الدينية لا ينحصر في تقديم غطاء للمخطط الامبريالي وإنما يتجاوزه إلى تنفيذ هذا المخطط، لذلك وصل هذا اليمين الى السلطة وتمّ بفضله صناعة قضايا ملهيات وحروب طائفية ومذهبية وصراعات قروسطية وفتن الهدف منها حجب القضايا والتناقضات الأساسية، قضايا التحرر الوطني والاشتراكية، لهذا يبدو وسيظل دورها خطيرا في هذه المرحلة، و هو لا يقل عن خطر بقية الأطراف الرجعية، والصراعات الدينية-الليبرالية بين القوى اليمينية هي صراعات من أجل تحسين المواقع داخل السلطة وداخل الطبقات السائدة لا مصلحة للشعب فيها حتى وإن بلغت حدّ الإعدامات والسجن وغيره والثوريون لا يجب أن يتألّموا من الزج بالاخوان في السجون ولا من عرض أعوان مبارك على المحكمة.

ان الفقرة الأخيرة في النص المشار إليه آنفا لا تقتصر على التركيز على خطر الإسلام السياسي، وأغلب ما ورد فيها يشرح بشكل مختزل الهجوم الاستعماري الذي تتعرض له الامة العربية حاليّا باستعمال قوى رجعية ومنها الإسلام السياسي وهو بالفعل القوة الجديدة والصاعدة إلى جانب القوى التقليدية: " إنّ ما تعيشه الأمّة العربية الآن هو عدوان استعماري جديد يستهدف إعادة تقاسم ثرواتها بعد أن أصبحت الخارطة القديمة لاتفاقية سيكس- بيكو غير قادرة على مواكبة استيعاب الأطماع المتنامية للقوى الاستعمارية القديمة والجديدة على حد سواء خاصة وأنّ قوى إقليمية جديدة قد ظهرت على الساحة شرّعت لنفسها هي الأخرى بسط نفوذها علي المنطقة بعد أن انخرطت في عملية تفكيك البُنى الاستعمارية القديمة ويأتي هذا تحت غلاف إيديولوجي واحد من حيث جوهره وإن اختلفت التسميات وهذا ما يفسّر صعود نجم الإسلام السياسي سواءً في ثوبه السني الإخواني والوهّـابي أو في جلبابه الشيعي الإثنَيْ عشري الذي لا يمكن أن ينتج إلّا مزيدا من الخراب".

رابط 2: سوريا والحرب الإمبريالية بالوكالة، طريـق الثّورة- أكتوبر 2012.

________________________

طريــق الثّـورة، أكتوبر/نوفمبر 2015

 
 
 

الشعوب والانتخابات: قصّة حبّ قصيرة

تتزايد ظاهرة امتناع السكان عن المشاركة في التصويت في الانتخابات التي تجري في مختلف انحاء العالم. ولا تقتصر هذه الظّاهرة على المستعمرات...

bottom of page