top of page

الرفيق فريد العليبي يرد على سؤال لجريدة العرب اللندنية


سؤال : هل اليسار التونسي اليوم جاهز للحكم في تونس ؟ وهل هو مؤهل لتولي المسؤولية خاصة في ظل الظروف الصعبة التي تعيشها البلاد وبعد فشل كل الحكومات؟ جواب : تعيش تونس حكاما ومحكومين أزمة عميقة فلا الحكّام أمكنهم ضمان استقرار حكمهم ولا المحكومون استطاعوا استبدالهم بحكم شعبي لذلك هناك شبه إجماع اليوم على أن انتفاضة 17 ديسمبر لم تحقق هدفها الاستراتيجي المعلن في شعارها التاريخي : الشعب يريد إسقاط النظام فتونس اليوم يدير شؤونها قسم من الحكام القدامى متآلفين مع حركة النهضة أي مع الفرع التونسي لحركة الإخوان المسلمين وبعض الأحزاب الأخرى المستندة إلى قوة المال والإعلام.

و في ظل هذا الوضع انتشرت الاحتجاجات ووصلت حد الانتفاض مثلما جرى خلال الأيام الأخيرة خلال انتفاضة المعطلين عن العمل التي هددت بشكل جدّي وجود الائتلاف الحاكم و يجري البحث عن بدائل ممكنة وهناك حديث بين الفينة والأخرى وإن بشكل خجول عن اليسار باعتباره القوة التي يمكنها أن تحلّ معضلات التشغيل والتنمية والفساد الخ ...

والمقصود باليسار هنا طيف واسع من الأحزاب والمنظمات والنقابات بما فيها الجبهة الشعبية غير أنّ هذا اليسار منخرط بدوره في التفاهمات التي أعقبت تهريب بن على إلى السعودية ولا يمثل بالتالي بديلا حقيقيا لنمط الحكم السياسي والاقتصادي والاجتماعي فهو من جنس الحكم السائد حاليا بمعنى أنّ المعارضة اليسارية التي نجدها اليوم في البرلمان والمتحالفة سابقا مع حزب الباجي قائد السبسي في إطار جبهة الإنقاذ لا تمتلك إستراتيجية بديلة للحكم وليست لها حلول فعلية للمشكلة الاجتماعية حتى أن بعض أقطابها نادى خلال مناقشة مسألة المصالحة الاقتصادية بالعفو عن رجال أعمال بن على لكي يساهموا في حل مشكلة البطالة .

إنّ الأمر يتعلق بيسار ليبرالي لعب هو نفسه دورا لافتا خلال الأيام الأخيرة في وأد انتفاضة المعطلين وروّج ما قالته عنها السلطة من أنها من فعل أياد خبيثة ومخربين ومجرمين ولصوص وقطاع طرق. وهذا اليسار يمكن أن يشارك في قادم الأيام في السلطة بل إنّـه كان يتمنّى أن يكون شريك حزب الباجى قائد السبسي غداة الانتخابات الأخيرة ولكن هذا الأخير فضّل الاتجاه ناحية حركة النهضة وأبرم مع شيخها صفقة مشهودة لتقاسم السلطة مما أوقع ذلك اليسار في حيرة لم يخرج منها بعد وحديثه عن كونه جاهزا للحكم قد يكون المقصد منه تحسين شروط تفاوضه مع اليمينين الليبرالي والديني لمشاركتهما الحكم.

ما أريد قوله أن اليسار الليبرالي في تونس لا يمثّـل حلاّ للأزمـة التي تعصف في تونس فهو نفسه يتخبّط فيها ويشبه وضعه وضع اليسار الليبرالي في اليونان وأعني حزب سيريزا الذي تبين حال تسلمه للحكم في أثينا أنه لا يختلف جوهريا عن اليمين الليبرالي فغرق أكثر في الأزمة وسط موجة من الاستياء الشعبي، وإذا كانت اليونان تشهد اليوم صعود يسار جذري يطرح نفسه كبديل لليبرالية بوجهيها اليميني واليساري فإن الوضع في تونس لا يختلف كثيرا عن ذلك دون نسيان الفارق الكبير بين شعبية اليسار الليبرالي في اليونان وشعبية مثيله في تونس.

 
 
 

الشعوب والانتخابات: قصّة حبّ قصيرة

تتزايد ظاهرة امتناع السكان عن المشاركة في التصويت في الانتخابات التي تجري في مختلف انحاء العالم. ولا تقتصر هذه الظّاهرة على المستعمرات...

bottom of page