قبل سنة، و على أرض قــرية تسمّى تل تمر في سـوريا، اُستشهدت ايفـانا هوفمـان في ساحات القتـال ضدّ عصابات الإرهاب التكفيريّة المموّلـة من قبل الرّجعيّة والامبرياليّة العالميّة. ايفانـا هوفمان لم ترسلها أيّ دولـة ضمن قوّاتها العسكريّة لتحارب الإرهاب كما تدّعي، وإنّما هي منـاضلة شيوعيّة قدمت من ألمـانيا لتتطوّع كمقاتلة ضمن الفيلق الأممي من أجل التّحرير والاشتراكيّة، حملت البندقيّة مع رفاقها ورفيقاتها القادمين من شتّى بقاع العـالم وقـاومت همجيّة التكفيريين المعادين للـمرأة وللأوطـان وللكادحين وللشعوب لمدّة ستّة أشهـر ولم يتجاوز عمرها العشرين سنة.
ايفانا هوفمـان، واسمها الحركي أفاشين تكوشين كونيش، دافعت عن هذه القريـة التي لم تلدها إلى آخر نبض في حيـاتها وسقطت شهيدة، لكنّها رأت الحريّـة والنّصر في عيون رفيقاتها ورفاقها الذين حرّروا عين تمر وكرّموا رفيقتهم في السّـلاح وهم يـواصلـون على خطاها معاركهم ويتقدّمون من قريـة إلى قـرية ومن مديـنة إلى مدينة رافعين عاليا رايات الأمميّة وملوّحين بشارات النّصر.
ايفـانا لم تمت بمـا أنّها أصبحت مثـالا للمـرأة المكـافحة من أجل التحرّر والاشتراكيّة وملهمة للنّسـاء الكادحات اللواتي سرن على نفس الطّريق الذي أنـارته لهـنّ من أجـل تحرّر المـرأة من كــافّة أشكـال الاستعبـاد التي ترزح تحت ثقـلها ومن اجـل تحرير الأوطـان والشعوب الخاضعة لنير الاستعمـار بمختلف أشكـاله ومن أجـل بنـاء عالم بلا اضطهاد وبلا استغـلال، عـالم الاشتراكيّة.
في الذّكرى الأولـى لاستشهاد ايفانا، يزداد اضطهـاد المـرأة بأشكـال عديدة، من خـلال هيمنة الثقافة الذكوريّة المستمدّة من هيمنة أنماط الإنتـاج الإقطـاعيّة والرّأسمــاليّة القائمة على النّظرة الدّونيّة للمـرأة معتبرة إيّـاها من جهـة عـوْرة ومن جهـة أخرى سلعـة، ومن خـلال تزايد استغلال المرأة الكـادحة في هذا العـالم عبر ما تتعرّض له من تقتيل وسجن واغتصاب وتحرّش جنسيّ وغياب المسـاواة في الأجـر مقابل أدائها لأعمـال شاقّـة وقضائها لأوقـات عمل أطول ولســوء المعاملة داخل المصانع والـورش وفي الحقـول وفي كلّ مـواقع العمـل وللطّـرد التعسّفي إن هي قـامت بالاعتراض على هذه التجاوزات.
وتتحالف الطّبقـات الرّجعيّة الحـاكمة في مختلف الدّول من أجل تكريس أشكال الاضطهاد والاستغلال وتقـوم بتشريعها عبر قـوانينها الرّجعيّة وعبر ممـارساتها اليوميّـة، بل إنّهـا ترتكب أبشع الجرائم ضدّها وخصوصا ضدّ النّساء اللاّتي نهضن للمقــاومة واللاتي تشــاركن في الثّورة من أجل القضاء على الامبرياليّة والرّجعيّة في المواقع التي سلك فيها جمهور الكـادحات إلى جانب الرّجال طريــق الثّــورة.
و رغـم هذه المظالم وهذه الانتهـاكات وهذه الجـرائم، لم تستسلم النساء المضطهدات وهنّ في كثير من المـواقع ومن خلال انخراطهنّ في المنظّمـات النقابيّة والسياسيّة الثّـوريّة حيث تتدرّبن على النّضال وتتشبّعن بأفكـار المسـاواة والعدالة الاجتمـاعيّة ترفـعن رايـات المقـاومة للأنظمـة التي تضطهدهنّ وللقيـود التي تكبّلهنّ، وهنّ تفككن حقـوقهنّ شيئا فشيئـا وتثبتـن أنّهنّ قـادرات على كسـر هذه القيـود إذا ما وحّدن طاقاتهنّ وإذا ما مضين قدمـا في طريـق الثّـورة.
في الذّكـرى الأولى لاستشهاد ايفــانا، سيتذكّر أحـرار وثوريّو العـالم أنّ الغد الأفضـل لن يحلّ إلاّ بالنّضـال وسينحنون إجلالا لهذه البطلـة الأمميّة وإكـراما لها ولنضالها، وسيستفيق من خدّرتهم تقـاليد المجتمع الباترياركي أن لا تحرّر ولا حريّة دون تحرّر الـمرأة ودون مشاركتها في الثّـورة.