البطـالة تستفحل.. الفقـر يتّسع.. التسـوّل يغزو الشّـوارع.. الجريمة تتفاقم.. الانتحار يتصاعد.. الأسعـار ترتفع.. الإرهاب التّكفيري ينتشر.. الأمراض والأوبئـة والفيروسات القاتلة تعمّر الأجساد.. ثقافة الشّعوذة والخـرافة تعمّر الرّؤوس، المديونيّة تسجّل أرقاما قياسيّة.. ممثّلو المؤسسات المالية العالمية النهّابة يتجولون في البلاد.. بان كي مون يحضر مؤتمرا حول التشغيل.. مؤتمر التشغيل حضره الجميع وغاب عنه المحرومون من التشغيل.. الفسـاد المالي والإداري والسياسي يستفحل والحلّ هيأة لمكافحة الفسـاد ورقم أخضر للإبلاغ عن المفسديـن.. أسعـار أعـلاف المواشي أعلى من أسعار المواشي.. السّجون مكتظّة والمشافي مكتظّة ووسائل النّقل مكتظّة والحانات مكتظّة والمساجد مكتظّة والمقـابر مكتظّة وحركة المرور لا تكاد تنطلق حتّى تتوقّف.. قوارب الموت لا تتوقّف والجـراد مع الرّمال يزحف.. الأمطـار محتبسة والرياح الرمليّة تعمي العيون.. الزّرع يموت وقريبا ستموت أشجار الزيتون.. النور ينقطع والمـاء ينقطع والجـوع لا ينقطع.. مدرّبـون أجانب لتدريب منتخبات الرّياضة ولتدريب العسكر.. حصان بورقيبة يركض في اتّجاه ساحة 14 جانفي ليحلّ مكان ساعة 7 نوفمبر.. بورقيبة أصبح حبيبا لليمين بجناحيه ولليسـار الواقف خلف اليمين وللـوسط.. نموّ اقتصادي يصارع الصّفر.. وجوه الكادحين صفراء كوجه الأرض الأصفر.. الشهداء لازالوا بلا أسمـاء.. والجرحى التحقوا بالشّهداء.. اللّجـان المستقلّـة ولجان التّحقيق والهيآت مازالت تشتغل في الخفـاء..
كلّ هـذا بفضل الانتقـال الدّيمقـراطي...
كلّ هذا وصندوق النقد الدولي والبنك العالمي يثنيان على الإصلاحات الاقتصاديّة ويثمّنـان إنجازاتها الاجتماعيّة.. وكلّ ذلك بفضل السياسة الرّشيدة للانتقال الديمقراطي.
كلّ هذا ورباعي نوبل للسلام يجوب العواصم ويحصد آلاف علامات الإعجاب وبعض الأغاني الوطنيّة والعنوان الأوّل في وسائل الإعلام.. وكلّ ذلك بفضل الانتقال الديمقراطي وحكومات الانتقال الديمقراطي.