top of page

عشر ملاحظات حول خروج بريطانيا من الاتحاد الأوربي


قرّرت بريطانيا خلال الاستفتاء الذي جرى يوم الخميس 23 جوان 2016 مغادرة الاتحاد الأوروبي، وسجل بعد ذلك مباشرة ارتفاع في أسعار الدولار والذهب والنفط بينما انخفضت أسعار اليورو والجنيه الإسترليني وقدم رئيس الوزراء البريطاني استقالته على أن يتولى تصريف الأعمال لبعض الوقت، وقالت ألمانيا وفرنسا أن ما حصل يمثل خسارة كبرى لأوربا وأن يوم الاستفتاء يوم حزين وشبه بعضهم ما حدث بزلزال عظيم سوف تكون له آثاره في العالم كله، وفي علاقة بهذا الحدث نقدم الملاحظات العشر التالية :

1ـ مع التحولات الجيوسياسية المرتبطة بتفكك الاتحاد السوفياتى وانهيار حلف وارسو وحروب الخليج المتتالية والانتفاضات العربية والصراعات الناشبة على إثرها برز اتجاه متزايد لدى الدول الامبريالية نحو إعادة تقسيم العالم و تحويل أشباه المستعمرات إلى مستعمرات وتركيز أنظارها على حسم النزاعات العالمية لصالحها وتجد بريطانيا نفسها في حاجة إلى الالتفات إلى خارج أوربا بحثا عن الأرباح والتنافس خاصة مع الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والصين ومن شأن التحرر من التزاماتها الأوربية وبوجه خاص تمويلها للاتحاد مساعدتها على ذلك.

2ـ تشعر الامبريالية البريطانية بأنها تمتلك اقتصادا قويا قياسا إلى العديد من الدول التي يتشكل منها الاتحاد الأوربي مثل البرتغال واليونان واسبانيا وايطاليا وتريد أرباحا على قاعدة تلك القوة وهو ما لم يعد ممكنا خلال السنوات الأخيرة جراء الأزمة الاقتصادية التي تعصف بتلك البلدان وتهددها بالإفلاس ويمكنها خروجها من الاتحاد من عدم تحمل أعباء تلك الأزمة التي أضيفت إليها الآن مشكلة المهجرين الوفدين بأعداد كبيرة .

3ـ كان الاتحاد الأوربي تنظيما مؤقتا للعلاقات بين الدول الأوربية في صلة بهدف استراتيجي يتمثل في خنق الاتحاد السوفياتى وتفكيكه وهو ما حصل، مما أدى إلى التحاق العديد من البلدان الأوربية الشرقية به وهو ما مثل عبئا كبيرا على بريطانيا التي تعد إحدى الممولين الأساسيين للاتحاد وقد حان الآن الوقت لكي تترك تلك الدول لمصيرها وتقطع الدعم الاقتصادي عنها .

4 ـ مقابل بريطانيا تجد الامبريالية الألمانية في الاتحاد الأوربي حتى الآن ضالتها مدركة أن عليها أولا التمركز فيه قبل التوجه إلى مجال حيوي أكثر اتساعا وذلك جراء وضعها الخاص كبلد مهزوم خلال الحرب العالمية الثانية فالقيود المفروضة عليها منذ الأربعينات من القرن الماضي وخاصة العسكرية منها لا تسمح لها بالتمدد خارج أوربا .

5ـ رغم انتماء الدول الامبريالية الأوربية إلى اتحاد يجمعها فإن التناقضات الأساسية ظلت متحكمة بالعلاقة بينها وقد احتد التناقض خاصة بين بريطانيا وألمانيا على الصعيد الاقتصادي حيث أدركت بريطانيا أن الرابح الأكبر هو ألمانيا بنسبة نمو اقتصادها المرتفعة حتى أنها أضحت سوقا لها وعلى سبيل المثال فإن خمس السيارات المنتجة في ألمانيا تباع في بريطانيا.

6ـ سيؤدى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوربي إلى انخفاض نسبة النمو في الاتحاد وهو ما سينعكس سلبا على اقتصاديات الدول المرتبطة به ومنها تونس التي قد يتم التخلي عن جزء كبير من وارداتها للدول الأوربية فضلا عن الترفيع في قيمة الرسوم الجمركية المفروضة على بضائع أخرى ويدق مسمارا آخر في نعش السياحة وسيعمق ذلك أزمة الرجعية في تونس التي ستحاول كالعادة حلها على حساب الكادحين مما ستترتب عنه احتجاجات اجتماعية متلاحقة.

7ـ يتجه العالم الامبريالي أكثر فأكثر نحو الفاشية والانغلاق والعنصرية ويخيم من جديد شبح الحرب الكونية فخروج بريطانيا من الاتحاد الأوربي يترافق مع الدعوات القومية الموغلة في اليمينية.

8ـ ستكون أمريكا والصين وروسيا مؤقتا الدول الامبريالية الأكثر استفادة من خروج بريطانيا من الاتحاد الأوربي.

9ـ يعد الاتحاد الأوربي شريكا فاعلا لقوى امبريالية أخرى في تنفيذ مجازر كبرى ضد أمم وشعوب مضطهدة مختلفة في إفريقيا واسيا وأمريكا الجنوبية بل وفي أوربا نفسها مثلما حدث في يوغسلافيا، وتندرج المجزرة التي تتعرض لها الأمة العربية الآن ضمن ذلك الإطار ومن هنا فإن تفكيكه يعد أمرا ايجابيا وليس سلبيا.

10ـ كان الاتحاد الأوربي ولا يزال تآلفا رجعيا بين دول امبريالية وليست له أية علاقة بتحقيق مصالح الكادحين ومقابل الاتحادات الرجعية على العمال والشعوب والأمم المضطهدة العمل على تحقيق الوحدة الأممية على قاعدة المساواة التامة وهو ما يتطلب أولا انتصار الاشتراكية ودفن المجتمع الرأسمالي نهائيا.

حزب الكادحين

تونس 26 جوان 201

 
 
 

الشعوب والانتخابات: قصّة حبّ قصيرة

تتزايد ظاهرة امتناع السكان عن المشاركة في التصويت في الانتخابات التي تجري في مختلف انحاء العالم. ولا تقتصر هذه الظّاهرة على المستعمرات...

bottom of page