تتلقّى الدّولة التّركيّة بسبب سياستها المعادية للشعب التّركي وطبقاته الكادحة وسياستها الاخوانية القائمة على اضطهاد القوميّات غير التركيّة مزيدا من المقـاومة من قبل القوى الثّـوريّة حتّى أصبحت قوّاتها العسكريّة وشبه العسكريّة هدفا لهجومات عديدة تنفّذها المجموعات والتنظيمات الثّوريّة مثل صقور حرية كردستان وحزب العمّال الكردستاني وجيش العمّال والفلاحين وجبهة التحرير الشعبية الثورية . ولا يكاد يمرّ أسبوع دون أن تنتشر أخبار وقوع تفجير يستهدف مراكز أمنية وعسكريّة تركيّة أو مواجهات مسلّحة بين مقاتلي هذه المجموعات والجيش التركي في مواقع عدّة.
فقد انفجرت صبيحة 17 ديسمبر 2016 حافلة تقلّ جنودا أتراكا أمام جامعة ارجيس في ولاية قيصري وذلك أثناء مرورها قرب سيارة يعتقد أنها ملغومة. وقد أسفر التفجير حسب بيان للجيش التركي عن مقتل 13 جنديا وإصابة 48 آخرين. وأصدرت حركة صقور حرية كردستان يوم الثلاثاء 20 ديسمبر 2016 بيانا اعلنت فيه مسؤوليتها عن التفجير الذي استهدف عناصر الشرطة التركية في ولاية قيصري التركية يوم 17 ديسمبر. مشيرا إلى أنّ هذه العمليّة تأتي انتقاماً لدماء الآلاف من أبناء الشعب الذين قتلوا على يد الدولة الفاشية مستهدفا أكثر الوحدات التركية ارتكاباً للجرائم والهجمات الوحشية بحق الشعب الكردي مؤكّدا أنّ الحركة ستصعّد نضالها وعملياتها ضد الممارسات الفاشية التركية. و كانت السلطات التّركيّة وعلى رأسها اردوغان قد صرّحت فور وقوع العمليّة أنّ حزب العمّال الكردستاني يقف وراء الهجوم المذكور.
وكان تفجيران آخران وقعا مساء السبت 10 ديسمبر 2016 في اسطنبول قرب احد الملاعب الرّياضيّة بعيد انتهاء مباراة في كرة القدم انجرّ عنهما مقتل حوالي 40 شرطيّا وإصابة ما يزيد عن 150 آخرين بجروح بعضهم إصاباتهم خطيرة جدّا.
وكعادتها حمّلت الدّولة التركيّة مسؤوليّة التفجيرين لحزب العمّـال الكردستاني، لكن تنظيم "صقور حرية كردستان" أعلن الأحد 11 ديسمبر 2016 مسؤوليته عن التفجيرين وفق ما ورد في بيان له على موقعه الإلكتروني.
وقال التنظيم في بيانه إن "الشعب التركي لم يكن هدفا مباشرا لصقور حرية كردستان، ولكن من غير الممكن أن تستمر الحياة بهدوء في تركيا بينما يقبع عبد الله أوجلان في السجن". و اتهم التنظيم أيضا، الدولة التركية ممثلة بحكومة حزب العدالة والتنمية الاخواني بـ"تعذيب الأمهات وقتل الأطفال والتمثيل بجثث الفتيات."
وكان تفجير وقع قبل ذلك بايّام قليلة، في مدينة ديرسم، أسفر عن مقتل عدد من عناصر الأمن التركي وإصابة عدد آخر بجروح، وقد استهدف التفجير القوي نقطة تفتيش أمنية تدعى "كمره بل"، في محيط مدينة ديرسم. وقد أشارت مصادر محلية وتناقلت عنها بعض وكالات الأنبـاء إلى أنّ التفجير أسفر عن مقتل وإصابة عدد كبير من عناصر الأمن التركي دون معرفـة هذه الأعداد بشكل دقيق نظرا للطّوق الأمني الذي فُرض حول مسرح العمليّـة. وقد وقع هذا التفجير بعد أيّام قليلة من المجزرة التي ارتكبتها قوّات الجيش التركي يوم 28 نوفمبر في حقّ مجموعة من الثوار الماويّين في إقليم ديرسم والتي أدّت إلى سقوط 8 شهداء بينهم ثلاثة قتلوا أثناء تبادل لإطلاق النار بينما المتبقّون قُتلوا إثر قصف موقعهم من قبل القوات التركية بقنابل كيمياوية حسب شهود عيان وهو ما أدّى إلى عدم التعرّف على هويّاتهم بسبب التشوّهات التي لحقت جثثهم.
وكعادته لا يتوانى اردوغان في كلّ مرّة بوصف هذه العمليّات بالإرهابيّة، ولا يتأخّر في اللّعب على الوتر القومي/الاخواني ليخفي جرائمه من جهـة وليثير تعاطف الشعب التركي تجاه سياسته، فقد صرّح أنّ مثل هذه العمليّات لا تستهدف الشرطة والجيش فقط "بل 79 مليونا من المواطنين الأتراك بأسرهم." وكي ينال أيضا استعطاف القوى العالميّة بادّعائه محـاربة الإرهــاب خارج الحدود التّركيّة من خلال الحرب التي يشنّها منذ أشهر داخل الأراضي السّوريّة تحت ذريعة حماية تركيا من الخطر الكردي الآتي من وراء الحدود وحتّى يضمن الضّوء الأخضر من قبل روسيا والولايات المتّحدة الأمريكيّة لمواصلة توغّل جيوشه داخل القرى والمدن مستغلاّ مرّة التوافقات الدّوليّة ومرّة أخرى الخلافات بين تلك القوى حول الملفّ السّـوري من أجـل مزيد التوسّع واحتلال أراض جديدة ومن أجل إيجاد حلّ ومخرج للقوى الإرهابيّة التكفيريّة التي يدعمها نظامه والتي تقاتل في سوريا خصوصا بعد أن ظهر اتّجاه نحو إيقاف القتـال ونحو التخلّي عن عشرات الآلاف من الإرهابيين التكفيريين الذين دفعت بهم القوى الامبريالية والرجعية الإقليميّة إلى الحرب في المنطقة، وتتنزّل التفاهمات التركية الرّوسيّة الأخيرة التي أفضت إلى توقيع هدنة في سوريا والإعداد لمحادثات استانة في هذا الإطـار والذي تلعب فيه الدّولة التّركية دور المسؤول عن المجموعات والتنظيمات الإرهابيّة التي تعتبرها "المعارضة السورية المسلّحة المعتدلة". وفي هذا سارع الرئيس الروسي بوتين غداة وقوع التفجير الأخير (17 ديسمبر) إلى الاتّصال بنظيره التركي ليعزيه وعائلات القتلى معربا عن استعداده لمساعدته في مقاومة الإرهاب.
ومن جهـة أخرى، وتحت نفس الذريعة (التوقّي من الخطر الكردي الآتي من خارج الحدود) تسعى الدّولة التّركيّة إلى الضّغط على النظام في العراق وخصوصا على رئيس الفدراليّة الكرديّة من أجل طرد مقاتلي حزب العمّال الكردستاني من جبال سنجار حيث يقيم قواعد عسكريّة له كثيرا ما جعل منها الجيش التركي حجّة لتنفيذ غاراته على تلك المناطق منذ عهد صدّام حسين حيث كانت القوّات التركيّة تستبيح الأراضي العراقية دون ردّ.
ويهدف النظام التركي من خلال هذا الضغط السياسي إلى تدعيم حضوره في العراق لتنفيذ أطماعه التوسّعيّة حيث لا يتوانى حكّامه في التصريح بأنّ لعض الأراضي العراقية هي اراض تركيّة ولذلك تحتفظ الدّولة التّركيّة بعدد غير قليل من قوّاتها العسكريّة في بعشيقة وكانت هذه الدّولة قد اشترطت على الدّولة العراقيّـة المشاركة في المعارك التي تخوضها قواتها ضدّ داعش في المدن العراقيّة وخاصّة في المــوصل.