top of page

مــــا العمـــل ؟


براميل البارود هي تلك المناطق والأحياء المحرومة، و المكناسي مثال على ذلك، لا شغل لا تنمية ، مياه واد اللبن مهدورة ، أراضى شاسعة غير مستصلحة، وأخرى اشتراها أباطرة الفساد بأبخس الأثمان محوّلين أهلها إلى ما يشبه أقنان القرون الوسطى ، الصناعة معدومة والمعمل الوحيد يتغذّى من جبس الجهة ويملكه ألماني. الثّـــروة البشرية مهدورة هي الأخرى ، شابّــات وشبّــان مثل الورود مضت الآن على بطالتهم القسرية عشرات السنين ، بحّ صوتهم وهم يطالبون بحقوقهم المشروعة ولا من مجيب ، تونس غنيّـة بثرواتها والمكناسي لا تمثّـل استثناءً، إنّــها غنية وغنية جدا ولكن الثروة بيد القلة التي لا تدرك أنّـها تجلس على براميل البارود.

و رغم الخلل في موازين القوى فــإنّ المكناسي يمكنها الانتصار حتى لو كان الغاز غطاؤها والقمع فراشها ، هي تقاوم وتنتصر وشعارها الأكبر : الحرية للوطن ، الديمقراطية للشعب ، الثروة للمنتجين ، منذ زمن الفلاّﭬــة كانت تغنّي :

" يا شهيد ينوح ويشوّرْ على رفـاﭬـه

ويـــنو الاستقــلال يـا دمْ الفــلاﭬــه

رايــة التّحرير في السِّماء خفّـاﭬــه

يا رصاصة في العالي فوڨ الجبل العالي

طلـﭭـها مقـــاوم نيرانَـه حــرّاﭬـــه

باع الدّمْ الغالي ، بـاع دمّه لبلاده "

المكناسي زغرد فيها رصاص العزّ ضد الامبرياليين الفرنسيين وبن علي احتار في أمرها فتركها لمصيرها واليوم هناك جهلة لا يعرفون من هي فيقتحمون أحياءها ويعذّبون شبابها ويشتمون نساءها ورجالها،،، ولكنهم سيتعلّمون منها الدروس.

و المكناسي عندما تكون منظّمة وموحّدة ومفكّرة يمكنها الانتصار وسيحدّد مستقبلها أبطالها ، ما عدا ذلك ستكون أشبه بسيزيف وصخرته ، وسيتلاعب بمصيرها الكلاب.

وهذا لا يصحّ عليها وحدها بل على تونس بأكملها واليوم فإن كادحيها ينهضون للنضال وهم يطرحون على جدول أعمالهم حل المشكلة الأساسية وهي مشكلة الأرض ففيها أراض شاسعة وواد يمكن إقامة سدّ عليه بما يوفر ثروات طائلة ، المعمّرون الفرنسيون سيطروا على أراضي الأجداد وابتنوا حتّى مطارا هناك ثم جاءت الدولة بعد 1956 ووضعت يدها عليها فرتع فيها الفاسدون .

و في الأشهر والسنوات القادمة ستطرح هذه المشكلة في طول تونس وعرضها أكثر فأكثر حتى تجد حلّها لصالح فلاّحين مفقّـرين ولكنهم قادرين لو توفّرت الفرصة على تحويل تلك الاراضي إلى منبع دائم للشغل والكرامة والحياة .

و نحن نتحدث عن المكناسي ننبّه الى ما يرتكبه عبدة اليورو والدولار من استثمار سياسي في حق المنتفضين في أماكن مختلفة فـ" المناضلون الجدد " الذين يتنقّلون في قوافل تحمل أحيانا موادّ غذائية منتهية الصلاحية وألبسة مستعملة وعدّتهم هواتف ذكية ووراءهم وأمامهم منظمات دولية تحصي أنفاس كل ما يتحرك في ما يسمونه "حراكا" هنا وهناك ويصدرون التقارير ويرفعونها إلى من يهمّه الأمر وراء البحار، هؤلاء لا علاقة لهم بالكفاح الشعبي وإنّما هم نقيضه ومع مرور الوقت سيدرك المقهورون الفرق بين "نضال " و "نضال " وسيتعلمون بتجربتهم المريرة معنى أنّ تحررهم لن يكون إلّا من صنع أيديهم وأنّ تنظّمهم ينبع منهم بالذات وقد بدأوا بعد في بعض الجهات في حرق " الهبات " فهم ليسوا في حاجة لأدباش مستعملة ولا إلى علب طماطم وأكياس مقرونة بل إلى التمتع بثروات بلادهم كاملة وإنتاجها وإعادة إنتاجها في كلّ حين من خلال العمل ولا شيء غيره.

-------------------------

نوفمبر-ديسمبر 2016

 
 
 

الشعوب والانتخابات: قصّة حبّ قصيرة

تتزايد ظاهرة امتناع السكان عن المشاركة في التصويت في الانتخابات التي تجري في مختلف انحاء العالم. ولا تقتصر هذه الظّاهرة على المستعمرات...

bottom of page