مـــــا العمــــل ؟

وثيقـة قـرطاج.. حكومة "وحدة وطنية".. المؤتمـر الدّولي للاستثمـار "2020".. هيئـة مكافحة الفسـاد.. قانون حماية المبلّغين عن الفســاد والمفسدين.. عنـاوين كثيرة ومثيـرة وشعارات برّاقـة وأسمــاء جديدة وبـرامج عديدة في الاقتصاد والمجتمـع والسياسة والثقافة والأمن والرّياضة والتعليم وغيرها من الميادين.. ولا شيء تغيّـر.

اقتصـاد على حافّة الانهيـار والأزمـة المـاليّة تستفحل، والأسعـار تسجّل أرقاما قياسيّة وأعداد المعطّلين والعاطلين عن العمل تتزايد والفقـر يتفاقم وحالات الانتحـار تزداد كلّ يوم والأمـراض تتفشّى وقرًى فلاحيّة بلا مياه ريّ ومدن تئنّ من وقـع بيئة مسمومة ونفايات قاتلة ومدارس تسقط أسقف قاعاتها على تلاميذها ويقتل فيها "البوصفّير" بعض الزّهرات وهم يحلمون بلوحة رقميّـة قد تأتي وقد لا تأتي وعمّـال يُطردون وبحّــارة تقذف الأمـواج بجُثثهم على الشواطئ وكادحات في ضيعات كبار الملاّكين ضحايا حوادث السرعـة والطّرقات ومسافرون ضحايا حوادث القطارات ومتسوّلات ومتسوّلون يتفنّنون في جمع بعض الملّيمات.. تلك هي بعض التفاصيل للّوحـة القاتمة التي أصبحت تسم الـوضع العـام في هذه البلاد رغم تلك العناوين والشعارات والبرامج التي رفعوها ووضعوها والتي دأب من سبقهم إلى رفعها كلّما صعد فريق حكوميّ جديد إلى السلطة.

وفي خضمّ هذا الوضع، يظلّ الشّعب يقـاوم رغم محاولات بثّ اليأس والإحبـاط في صفوفه ورغم اللامبـالاة التي تواجه بها السلطات المسؤولـة مطالبه الاجتمـاعيّة ورغم سياسة التّرهيب التي لم يبخل النّظام في استعمـالها من خلال قمـع الاحتجاجات وتجريمها ومحاكمة المحتجّين. وسيظلّ الشعب يقـاوم ويقاوم من أجل تحقيق مطالبه المشروعـة وهو بذلك يعبّد طريق الثّـورة خُطوة بعد خُطوة.

إنّ طريق الثّـورة هي الطّريق التي ستحقّق من خلالها الطّبقات الكادحة في قرى البلاد ومدنها مستقبلها المشرق الذي تتمتّع خـلاله بالثّـروة التي تنتجها وتستخرجهـا وظلّت محرومة منها وهو الغد الذي سيتمكّن فيه الشعب من حكم نفسه بنفسـه والذي يتحقّق فيه استقلال الـوطن الفعلي عن القوى الإمبرياليّة وعن املاءات المؤسسات الماليّة النهّـابة وهي القوى والمؤسسات التي لا تكتفي بنهب الثروات الوطنية بل تقوم بتحويل الشعب إلى عبيد.

وتطرح المقاومة التي يبديها الشعب على القوى الثّورية التفكير جدّيا في توحيد طاقاتها من أجل توحيد طاقات الشعب خصوصا أمـام توحّد الرّجعيّـة والانتهازيّـة، فوحدها وحدة الثوريين ستضمن لتلك المقـاومة الاستمرار والمضيّ قدما نحو الانتصار.

--------------------------

جانفي - فيفري 2017