مع اقتراب موعد الانتخابات البلدية في تونس تصاعدت تهديدات حركة النهضة الاخوانية ضدّ معارضيها من الإعلاميين والسياسيين والنقابيين والمثقفين وغيرهم، فأصدرت بيانا تقول فيه أنها ستتبع قضائيا كل من يشوّه صورتها في الإعــلام ، وبعد أيذــام قليلة قال رئيسها أنّ من يصفها بالإرهاب ويحمّلها المسؤولية عنه يريد حربا أهليّـة وعليه تحمّل التّــبعات .
و بدا واضحا من ذلك كلّه أنّ الحركة تهدّد وتتوعّد، وهي التي حاولت خلال مدة طويلة نسبيا هي عمر حُكم التوافق بينها وبين حركة نداء تونس الظهور بمظهر الحمل الوديع ، في رسائل للداخل والخارج بأنها تمثل "الإســـلام الدّيمقراطي" و لا علاقة لها بالعنف والدم ، ولكن اقتراب الموعد الانتخابي جعلها تتخلّـى عن ذلك فجأة في خطاب موجّه إلى جهتين في نفس الوقت، الجهة الأولى هي قواعدها وقواعد غيرها من اليمين الديني التي ظلّت ايديولوجيّــا وسياسيّــا وفيّـة للأطروحات الاخوانية ، التي لا تعترف بغير الانقلاب العنيف والأجهزة السريّـة طريقا للوثوب على السلطة كاملة ، والغاية هنا هي رصّ صفوف الإســلام السياسي عامّة خلال العمليّــة الانتخــابيّة المرتقبـة، والثّــانية الحلفاء المؤقتين وأعــــداء الأمس واليوم والغد بــأنّ ساعة الحساب وإن طالت فــإنّها قادمة لا محالة ، والغاية هي إرباكهم وزرع الخوف بينهم وتشتيت قوتهم.
ومعلوم أن الحركة لا تقبل استراتيجيا بأي شريك لها في الحكم ، والدولة التى تنشدها يجب أن تكون إسلاميّـة خالصة فـ "الإسلام هو الحلّ" كان ولا يزال شعار الحركة الدائم .
و لا تمثّـل تلك البيانات والتصريحات أمرا جديدا في تاريخ الحركة، فقد تورّطت سابقا في تنظيم انقلابات عسكرية فاشلة ورشّ نساء سافرات بماء النّـار والاعتداء على طلاب ونقابيين بالسيوف والسكاكين والهراوات ، وهدّد قادتُها مخالفيهم بالسّحل في الشوارع وتقطيع أطرافهم وبقر بطونهم وتطبيق الحدود الإسلامية عليهم .
و معلوم أيضا أنّ الحركة تعوّدت على تغيير مواقفها من النقيض إلى النقيض وذلك بحسب ما تفرضه المصلحة الحزبية أي أنّها تعبّر من خلالها مرّة أخرى عن ثابت من ثوابتها الايديولوجية والسياسية، ممثلا في المناورة حتى تحقيق أهدافها، وهي لن تتوانى، كما هدّدت، عن استعمال الأسلحة متى حانت الفرصة، بما من شأنه إغــــراق تــــــونس في الــــــدّم .