top of page

مـــا العمــــل ؟


تتكشّف يوما بعد يوم في تونس، تفاصيـل الأزمة التي تضرب مختلف الميادين ومعها تتّضح انعكاساتها في مختلف مفاصل حيـاة الشعب وخاصّة الكادحات والكادحين. وقد بات من السّهـل أن يلاحظ الكلّ مظاهر هذه الأزمـة واستتباعاتها إلاّ لمن اختـار عنوة أن يُــغمض عينيه أو يصمّ أذنيه عن تردّي الأوضـاع، وقد لا تكفي الأرقـام الرّسميّة وغير الرّسميّة الصّادرة عن جهات من هنا وهنـاك لتعطي صورة كاملة وصادقة عن هذا الـواقع القـاتم، مع إنّهــا تساعد على تقريب المشهد صوتا وصورة من أولئك الطّرشان والعميان عمدا.

وقد لا نفي الوضع حقّـه إن نحن حاولنا في هذه المساحة الضّيقة استعراض مختلف تفاصيل هذه الأزمة واستتباعاتها، ولذلك نختصر القول في ما يلي: إنّها أزمـة شامــلة وحـادّة وإنّ الـوضع شبه كارثي وإنّ البلد على حافّة الاِنهيـار. ولا يحتاج هذا الاستنتاج إلى دليل أو إثبــات أكثر تعبيرا من الواقـع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والثقافي والتعليمي وحتّى الرّياضي. وإذ تبدو صور هذا الـواقع المكشوف للجميع موغلة في القتامة والرّداءة فلأنّها تعكس واقعا بتلك الأوصاف تماما أو أعمق ممّا تمّ تصويره.

أمّا بخصوص العوامل التي تسبّبت فيها، فإنّ الأمر يتعلّق رئيسيّا بالجهة أو الجهات الحاكمة والجهات الدولية الدّاعمة لها التي تسطّر السياسات في مختلف الميادين وتكلّف بيادقها في الدّاخل بتطبيقها، حيث لا تمثّل هذه الجهات الدّاخليّة سوى آلات تنفيذ لما يسطّره سادتها في العواصم الامبريالية. وبما أنّ تلك السياسات التي أثبتت لا وطنيتها ولا شعبيّتها منذ عقود طويلة، فإنّ تراكمها ولّد تراكم الأزمات وتكدّسها إلى درجات قياسيّة. ولم تخرج الإصلاحـات المزعومة التي تفتتح بها كلّ حكومة برنامجها عن دائرة نفس السياسات التي عهدها الشعب فهي لم تنتج إلاّ مزيدا من التفقير والبطالة والفساد والاضطهاد.

و نتــيجة لهذه العوامـــــــل اجتاحت الأزمة الحكّام أنفسهم فأصبحوا عاجزين حتّى عن مواكبة إملاءات سادتهم وغير قادرين على تنفيذ شروطهم فدبّت الخلافات إلى الوفاق وانهارت حكوماتهم "الوطنية" وذرت العواصف وثائقهم إلى حدّ إعلان الطّلاق. غير أنّ حلول الطّلاق مكان الوفاق لا يعني نهاية الأزمة ذلك أنّ كلا الرّجعيّتين مازالتا تحكمان والتناقض بينهما يبقى ثانويّا وستظلاّن في الحكم ما لم تستفق القوى الثّوريّة وتتّحد في جبهة تلفّ داخلها الطّبقات الشّعبيّة التّواقة إلى التحرّر والاشتراكية وتركيز نظام ديمقراطيّ شعبيّ وتكون أولوّياتها تحقيق سيادة الوطن وسيادة الشعب على ثرواته وتركيز الإصلاح الزّراعي لصالح الفلاحين الفقراء والمتوسطين.

لقد دعا حزب الكادحين في مرّات عديدة إلى توحيد قوى الثّورة لمواجهة وحدة الرّجعيّة والانتهازيّة والإصلاحيّة، وشارك في عدد من النقاشات في هذا المستوى، وهو يكرّر دعوته هذه ويوجّهها مجدّدا إلى هذه القـوى من أجل مصلحة الشعب والـوطن.

_________________________

عدد 48، سبتمبر-أكتوبر 2018

 
 
 

الشعوب والانتخابات: قصّة حبّ قصيرة

تتزايد ظاهرة امتناع السكان عن المشاركة في التصويت في الانتخابات التي تجري في مختلف انحاء العالم. ولا تقتصر هذه الظّاهرة على المستعمرات...

bottom of page