top of page

مـــا العمــــل ؟


تتفاقم الأوضاع في تونس وتحتدّ على أكثر من صعيد إذ تتدهور الخدمات وينعدم بعضها وتعجز نسبة كبيرة من الشّعب عن توفير مستلزمات الحياة المعيشية الضرورية في حين تمعن السلطة في تجاهل هموم الشعب مولية اهتماماتها أساسا إلى الصراع المحموم بين أجنحتها التي تتنافس حول من منها يقدم أكثر الولاء والخضوع إلى الدوائر الاستعمارية الأجنبية بمزيد بيــع البـــلاد إليها.

ويزداد تبعا لذلك الغليان الاجتماعي والتذمّــر الشّــعبي. وأمام مثل هذا الوضع لم يعد من بدّ للجمــاهير الشّـــعبية غير التّــعبير عن عدم رضــاها مستعملة في ذلك مختلف أشكـــال الاحتجـــاج من اعتصـــامات وإضرابــات ومسيرات سواء كان ذلك ضمن أطر نقابية أو خارجها.

وتنبهت كثير من الأطراف القريبة من السلطة ذاتها الى ذلك فحاول بعضها الالتحاق بحركة الجماهير من أجل حرفها عن جوهر نضالها في حين تمترست بقية الأطراف في الخندق المقابل شاهرة أسلحتها، غير عابئة إلا بما يخدم مصالحها كوكيلة أعمال لنفوذ أسيادها الذين يملون عليها مواقفهم وسياساتهم في حين تتكفل هي بالتنفيذ.

إنّ ما يمكن الإشارة إليه في خضم هذه الأوضاع المتأزمة والحبلى بكل احتمالات الانفجار أمران على غاية من الأهمية.

الأوّل: عدم استعداد الرجعية الماسكة بالسلطة للتراجع عن قرارات التجويع وسياسة تفقير الشعب ورهن البلاد والتفريط كليا في سيادة الوطن واستعداد أطراف يمينية إصلاحية إلى مساندتها ومؤازرتها بإيجاد بدائل من بيع الأوهام اذا ما اضطرت أمام ضغط الجماهير إلى التراجع .

الثاني: تتميز الاحتجاجات على تنوعها واستعداد فئات واسعة من الكادحين للنضال بضعف تأطيرها وتشتتها وغرقها المفرط في القطاعية وذلك نتيجة الإحباطات المتتالية وزرع عقلية الفوضى ورفض التنظم أو تمييع أشكاله من قبل مجموعات مارست تخريبا رهيبا عن وعي وبدونه مما أدى إلى سيادة حالة التسرع والارتباك التي صارت ترافق أغلب حالات الاحتجاج .

أمام هذا الوضع المتسم أساسا بغطرسة الرجعية العميلة من جهة وضبابية الطريق أمام الكادحين المستعدين للتضحية والنضال من أجل التحرر من قيودهم من جهة ثانية، تتأكّد بإلحاح أشدّ ضرورة وعي الذواتات الثورية المستقلة والنواتات التنظيمية من مجموعات وأحزاب بالتوحّد حول برنامج نضالي يجنّب الجماهير التضحيات المجانية ويؤطّر نضالها بعيدا عن زرع الأوهام التي أثبتت التجربة عقمها.

إنّ حركة الجماهير بقدر عدم حاجتها إلى أئمة في خلوة صومعاتهم هي في حاجة أمس إلى رفقة ثوريين يقطعون معها الطريق بكلّ تعرّجـــاته.

__________________________

طريق الثّـــــورة، العــدد 49، نوفمبر-ديسمبر 2018

 
 
 

الشعوب والانتخابات: قصّة حبّ قصيرة

تتزايد ظاهرة امتناع السكان عن المشاركة في التصويت في الانتخابات التي تجري في مختلف انحاء العالم. ولا تقتصر هذه الظّاهرة على المستعمرات...

bottom of page