top of page

مــــــــــا العمـــــــل ؟

  • Photo du rédacteur: partielkadihines
    partielkadihines
  • 5 nov. 2019
  • 3 min de lecture

اِفتتــــاحيّة العـدد الجديد من طريــــق الثّــــورة


لا يكاد يمرّ يوم دون أن تتسرّب أو تنتشر أنبـــاء من هنــا وهنــاك، من داخـل تونس ومن خارجها، عن تفاقم مظاهر الأزمة التي تعصف بالبلاد التونسيّة في مختلف القطاعات والميادين. ولا يكاد يمرّ يوم دون أن تتضخّم المؤشّرات الدّالّة على تفاقم هذه الأزمـة. ومع مرور الأيّام والأشهر والأعـوام أصبح المـرءُ قادرا على ملاحظة حدّة التغيّـرات الحاصلة وعلى اكتشاف درجة خطورة الأوضاع التي أصبحت عليها البـلاد. وهي أوضاع زادت رداءتها عن رداءة الأوضـــاع التـي أجّجـت غضب الجماهير الشّعبيّة فانتفضت على سياسات بن علي من أجل الحريّة والأرض والشّغل والكرامة الوطنيّة بل وحتّى إسقاط النّظام الجاثم على صدر الطّبقات الشّعبيّة لمدّة عقود والمتسبّب في اتّساع الفوارق بين الطّبقات الاجتماعيّة وفي الحيف التنموي بين الجهات وفي تفاقم نسب البطالة والفقر وفي الحفاظ على علاقات الهيمنة الاستعماريّة التي مكّنت القوى الخارجيّة من مواصلة نهبها لثروات الوطن وتحكّمها في قرارات حكّـامه.

إنّ تلك العوامل الأساسيّة والهيكليّة التي ولّدت تلك الأزمة لم تتغيّر بل تكدّست فوقها عوامل أخرى داخليّة وخارجيّة لأنّ كلّ فرد من "الحكّام الجدد" أراد تسويق نفسه على أنّه المؤتمن على "الثّـورة التونسيّة" فسعى، كلّ من جهته، إلى تحقيق رضا القوى الخارجيّة العالميّة وحتّى الاقليميّة تحت شعار إنجاح مسار الانتقال الدّيمقراطي وإنجاح ما يسمّونه "النّموذج التونسي الفريد"، وكانت طبعا الانتخابات السّلعة الأكثر رواجا لدى تلك الدّوائر العالميّة وحتّى بعض القوى الرّجعيّة الاقليميّة التي لا تعترف في قاموسها السّياسي بالانتخابات حتّى في مستواها البرجوازي المشوّه. لذلك لم يجد أولئك الحكّام أيّ أثر لأيّ إنجاز يزايد من خلاله بعضهم على البعض الآخر سوى تنظيم الانتخابات التشريعية أو الرّئاسيّة أو البلديّة في فترات حكمهم، فقد أصبحت الانتخابات تلك الشّجرة وارفة الظّلال الحبلى بالغلال التي تغطّي كلّ ما بالغابة من مساوئ.

ولم يختلف الأمر هذه السّنة، فقد احتفل ركّاب قطار الانتخابات وحتّى متسلّقو العربات الأخيرة منه بهذا العرس متجاهلين الكارثة التي تحدق بالشّعب وبالـوطن والحال أنّ غالبيّتهم تتشابه برامجهم الانتخابيّة بل يكاد بعضها أن يكون منسوخا عن بعض، ولذلك فإنّ انتخاباتهم لا تعدو أن تكون سوى مسرحيّة كوميديّة تخفي المأســاة التي يعيشها كادحو وكادحات هذا الوطن، لكنّ أبطالها فشلوا في تحقيق هدفهم بما أنّهم كانوا في واد والشعب في واد آخر. فقد قاطع الشّعب مسرحيّتهم وزادت نسبة مقاطعته هذه المرّة عن المرّات السّابقة وهو ما أجبر أولئك الأبطال الورقيّين على الإفصاح والاعتراف بأنّ هناك مقاطعة وليس عزوفا، إلى جانب ما شاب هذا "العرس الانتخابي" من تجاوزات واختراقات بعضها طفيف وبعضها خطير حسب تصنيف مختلف الأطراف المشاركة فيه إلى حدّ التّصريح بانتخابات مزوّرة برمّتها وبحدوث اختراق خارجيّ مباشر ومفضوح فيها، علاوة على الشّوائب التّقليديّة كالمال السياسي الفاسد والإعلام والدّعم الخارجي وغيرها من الشّوائب.

لقد نبّه الثّوريّون منذ زمن ليس بالقصير إلى أنّ انتخابات المجلس التأسيسي ليست إلاّ أداة لترميم النّظام المتداعي آنذاك وإنقاذه من السّقوط، وأنّ انتخابات سنة 2014 لن تقود إلاّ الرّجعيّة إلى الحكم. ولم يختلف الأمر مع انتخابات هذا العام ولن يختلف، فقد أكّدت صواب طريق المقاطعة والمقـاومة، ذلك أنّ الحديث عن الدّيمقراطية في ظلّ فقدان السيادة الوطنيّة ليس إلاّ إحدى الملهيات التي يُقصد بها إلهاء الطّبقات الكادحة عن قضاياها الرّئيسيّة. وقد وقف الثّوريّون انطلاقا من هذا المبدأِ إلى جانب الجماهير المقاطعة معتبرين أنّ تلك خطوة أولى في مسار الكفـاح والمقاومة وأنّ طريق الثّورة هو السّبيل الكفيل بتحقيق سيادة الوطن وإرساء ديمقراطية الطّبقات الشّعبيّة المناقضة لديمقراطيّة الرّجعيّة.

وإذا كانت المشاركة في الانتخابات هي الوسيلة التي تضمن من خلالها الرّجعية شرعيّة دكتاتوريتها أي حكمها، فإنّ مقاطعتها هي السّبيل إلى عزل تلك الرّجعيّة من خلال نزع غطاء الشّرعيّة الشعبيّة عنها وهي خطوة أخرى في إطار مقاومة تلك الرّجعيّة في سبيل النّصر الذي سيحقّقه الشّعب بعد زمن قريب أو بعيد.

------------------------------------

طريق الثّــورة، العــدد 53، جويلية-أوت 2019

الشعوب والانتخابات: قصّة حبّ قصيرة

تتزايد ظاهرة امتناع السكان عن المشاركة في التصويت في الانتخابات التي تجري في مختلف انحاء العالم. ولا تقتصر هذه الظّاهرة على المستعمرات...

 
 
 

Comentários


bottom of page