top of page

مــــا العمــــــل ؟

افتتاحيّة العدد 58 من طريق الثّــورة

لا تزال الأزمات بمختلف أنواعها تعصف بتونس منذ سنوات وهي تحتدّ سنة إثر أخرى وتتقاسمها مكوّنات الائتلاف الحاكم فضلا عن المحكومين وإن اختلفت طبيعتها من طرف إلى آخر. ورغم محاولات التنفيس المتعدّدة لتجاوز الأزمة إلّا اّنها سرعان ما تثبت محدوديتها ونفاد إمكانياتها وبذلك تظهر أشكال التزييف والمراوغة عارية. إنّ التطبيل المبالغ فيه منذ 2011 لما أطلق عليه الانتقال الديمقراطي والتأسيس لبناء ديمقراطي سواءً من قبل مهندسيه والمنتفعين مؤقتا به أو من قبل الأغبياء والمغفّلين من التيارات الانتهازية تتهاوى أركانه الواحد تلو الآخر وبين الفينة والأخرى يقع بعض من ركامه وأنقاضه على بعض بُناته ودعاته فتضيق بهم مساحة النّجاة وزاوية الاختباء فيتدافعون كلّ لصالحه من أجل الاحتماء بما بقي من خِرَبِ هذا البناء خوفا من وقوع السقف عليهم ولذلك يتناطحون فيُدمي بعضهم بعضا ويتحالف هذا ضدّ ذاك ويكثر صياحهم لعلّ في ذلك إطالة ما تبقّى لهم من تواجد عبر استغباء البعض ومخاتلة عموم الشعب ولو إلى حين. وأمام ذلك تخلّفت الانتهازية مرتبكة فلم تــعد تدري أين وجهتها هل تؤيّد أم تعارض.

بهذه الصّورة انكشف جليّا أمام الشعب عقم النظام السياسي وازدادت ثقته في عجز مؤسساته عن الخروج من الأزمة إذ أنّ ما يشغل القائمين عليه ليس سوى تتفيه السياسة واختلاق معارك أبعد ما تكون عن مشاغل الكادحين والبحث عن حلول لما يعانونه من مشاكل وصعوبات. إنّ الهراء الشائع عن الديمقراطية الناشئة يخفي عجزا عن مواجهة الأزمة وهروبا مقصودا من وضع الإصبع على الدّاء لأن الرجعيين هم أصل العلّة وسبب المآسي. لقد بلغ السّيل الزّبى ووصل الأمر بأغلبيّة الشعب إلى الفاقة والحرمان وهاجس الخوف من الجوع الفعلي مع الشعور بانسداد الأفق وكذب ما يقال على منابر الحكّام كلّ يوم إذ الوقائع عصيّة والحقائق عنيدة وما عاد شيء يقدر على المغالطة والتمويه. غير أنّه ومقابل هذا السّواد لا شيء يوحي بوجود حلّ ما متشكّلا قد يساعد على الخروج من النفق والتغلب على الأزمة التي تشتد يوما تلو الآخر، فما كان قبل سنة أو أكثر من غيوم معارضة تبدّدت ولن يستقيم تناديها إلى التجمّع مجدّدا وهذا ما تدركه الرجعية الحاكمة رغم احترابها فيما بينها ولكنّها توجّه سهامها إلى ما تبقّى من حصون الدفاع الاجتماعية ممثلة في الاتحاد العام التونسي للشغل والذي يظل، على علاّته، مؤقتا الجدارَ الأخيرَ.

وكما قال شاعر الشعب الشابي فإنّ أوجاع البلاد كثيرة ولكن الحاجة ماسة أكثر من ذي قبل إلى إيجاد الطبيب المداوي، وهذا لا يمكن أن يحدث دون تحسّس هذه الأوجاع والجراح من قبل كلّ الثوريين الصادقين من أجل التوحّد والتنظّم وتأطير الكادحين وعموم الشعب في طريق التحرر والخلاص. إنّ أمرا مثل هذا ليس فعل شخص وإنّما هو فعل حزب شيوعي ماوي وجبهة وطنية متحدة تنمّي العمل المشترك بين ثوريين منتظمين وغير منتظمين مفعمين بروح الكفاح والثورة بما يؤدّي إلى التقدم على طريق الدفاع عن الشعب والوطن.

 
 
 

الشعوب والانتخابات: قصّة حبّ قصيرة

تتزايد ظاهرة امتناع السكان عن المشاركة في التصويت في الانتخابات التي تجري في مختلف انحاء العالم. ولا تقتصر هذه الظّاهرة على المستعمرات...

bottom of page